2015-9-5
View :3405

هنالك رجال عاشوا احداثا مهمة في العراق لم يعرفهم احد حيث انهم فضلوا العزلة وعدم الشهرة بالرغم من ان لديهم بعض الامور التي تستحق وقفة ، ومن بين هؤلاء الرجال شخص ساقنا القدر لان نلتقيه في جنوب لبنان في بلدة عنقون ، انه السيد فخر الدين ابن السيد عباس ابن السيد ابو الحسن الموسوي ، حيث التقيناه في داره وبدات ذكرياته عن تلك السنين التي عاشها في النجف الاشرف وما اشدها من سنين لاسيما تلك التي تسلط بها البعث على الحكم في العراق وكان حديثنا معه شيقا بداناه كالمعتاد عن مواليده وبداياته الدراسية فقال:


انا من مواليد النجف سنة 1934م ومنذ نعومة اظافرنا التحقنا بالحوزات العلمية لغرض الدراسة وبدانا بالفعل سنة 1948 وهي السنة التي اعتمرنا بها العمة ، ومن الطبيعي بداية دراستنا كانت على يد السيد الوالد حيث انه من المعاصرين للسيد ابي الحسن الاصفهاني والشيخ راضي ال ياسين وحاصل على درجة الاجتهاد ، وفي بداية الخمسينات عاد والدنا الى لبنان تاركا النجف وانا بقيت لغرض اكمال الدراسة.
* على يد من تتلمذت ؟
- السيد محسن الحكيم والسيد الخوئي قدس سرهما حيث كنا صباحا نحضر البحث الفقهي عندهما ومساء الاصول عند السيد الخوئي ، وبسبب ما مر بالعراق من احداث عقب تسلط البعثيون على الحكم حال ذلك دون اكمال دراستنا فخرجت هاربا سنة 1969 من النجف ، علما انني كنت وكيلا للسيد الحكيم في قضاء عفج حتى سنة خروجي من العراق
كان عدد طلاب البحث الخارج يتجاوز الالف طالب ويصل الى الف ومئتي طالب ومن بينهم قطعا قرابة مئة مجتهد حيث يحضرون لتجديد العهد والتشرف والتبرك ، ومن بينهم ثلاثمئة طالب على باب الاجتهاد فيقال عنهم طرق باب الاجتهاد ولما ، والبقية طلاب عاديين وحتى بينهم مستمعين فقط، انا عدت الى النجف سنة 1976 لتجديد العهد بالسيد الخوئي وبقيت ستة اشهر وعدت الى لبنان
 الفترة العصيبة في العراق بعد سنة 1968.
* عاشت النجف اشد ازماتها كيف لك ان تصف لنا الاوضاع كيف كانت في ذلك الوقت مع تاسيس الاحزاب الاسلامية؟
لا علاقة للسيد محسن الحكيم بالاحزاب الاسلامية ومن يدعي غير ذلك فهو مسؤول امام الله عز وجل بل كان لا يرضى الانتماء اليها وقد ارسل فلان يستفتيه بهذا الخصوص فكتب يسال « ما رايكم دام ظلكم الانتماء الى الاحزاب الاسلامية افتونا يرحمكم الله « فاجاب بالنص «لايجوز الانتماء الى الاحزاب الاسلامية لان القاعدة تقول اما ان يكون غبيا او ذكيا ، فاذا كان غبيا خيف عليه واذا كان ذكيا خيف منه ...توقيع السيد محسن الحكيم.
والحديث عن السيد محمد باقر الصدر والسيد مهدي الحكيم بخصوص الاحزاب الاسلامية فله مجال اخر غير الذي تعتقدونه.
الازمة في النجف بدات سنة 1968 وفي حينها ذهب السيد الحكيم الى بغداد للاستجمام والعلاج وقد شكل مجموعة علماء بغداد منهم السيد مرتضى العسكري وفدا للقاء السيد لتدارس هذه الاوضاع ولم تنتهي الى حل.
بدا البعثيون بالتضييق على السيد ووضعوه تحت الاقامة وقطعوا عنه التليفون واتهموا السيد مهدي بالتجسس بعدما اتصل حردان التكريتي الذي كان وزيرا للدفاع في وقتها ليبلغ السيد الاتهامات الموجهة الى نجله وامور اخرى لا علم لنا بها وعند مرض السيد كان معه ولداه السيد باقر والسيد مهدي ، فهرب السيد مهدي ليلا لعلمه بان البعثيين سيلقون القبض عليه وقد جاءت مفرزة من الجنود ومعهم ضابط يبحثون عن السيد محمد بحر العلوم فخرج لهم وكان شجاعا ومتمرسا في الحديث فقال له الضابط نحن نريد السيد محمد بحر العلوم فقال له انه خرج ليلا ولم يعد ، فقال احد الجنود انه هو سيدي ، فقال السيد ان كنت تقصد محمد بحر العلوم فانه خرج وان كنت تقصد محمد علي بحر العلوم فهو انا ، فنهر الضابط الجندي وتركوه، وفي تلك الليلة اذاع البعث بيانه يتهم السيد مهدي بالتجسس كانت ليلة الجمعة.
في هذه الاثناء جاءني مبعوث من قبل بعض العشائر يريد فتوى مني او من السيد للتحرك حيث ارسل المندوب شيخ عشيرة صديق لي، فقلت له كيف جئت والمنطقة محاصرة فقال نزلت في ابي صخير وجئت سيرا على الاقدام فقلت له وانت ترى بيت السيد محاصر وقطعوا التليفون وتريد فتوى ، انا لا افتي لانني لست بمجتهد ولكني اقول لك انتم بسبب خصومة بالطبر هاجت عشائركم وتقاتلتم واليوم تاتيني لتريد فتوى ، انا لا افتي ولا استطيع الاتصال بالسيد قل لابي فلان هكذا.
وفي اليوم الثاني كنت ذاهبا لحضور درس السيد الخوئي فنادى علي احد اصدقائنا في السوق  ليبلغني ان البعثيين اعتقلوا المئات من العلماء والطلاب ليلا ومنهم سيد جعفر بحر العلوم ، فقلت له مستحيل ان يلقوا القبض على السيد جعفر بحر العلوم والمشخاب كلهم معه ، ولكن اتضح صحة القول واعدم السيد بحر العلوم.
واما انا فقد صدر امر القاء القبض من انور ثامر مدير الامن العامة في بغداد بحقي فهربت ليلا وبقوا سنتين يراقبون بيتنا لانهم لا يصدقون بانني هربت لانني عندما خرجت لم يتم تسجيل خروجي من العراق .