2014-5-3
View :897




فاطمة القريشي






عِندَ الاطلاع على أحداث معركةِ الطف الأليمة ,وما جرى فيها من مصائب وأحزان تشعر بان قلبك يعتصر ألما وبشدة فينهمر دمعك وتخنقك العبرة, فتغمض عينيك محاولا تَخيل الموقف، لكن سرعان ما تفتح عينيك لهول ما تخيلت ..هاربا من خيالك.. إذاً كيف بك إذا رأيته أمام ناظريك ..؟! مؤكد أنك لن تصبر وستجزع نفسك لن تتحمل ذلك.



حسناً هذا هو حالُكَ أنت فكيف بأطفال ونساء رأت كل شيء وعاشت ذاك الواقع الأليم، وتحملت الأسى والظلم والجور وتجرعت كأس المرار والألم والمعاناة.. كيف لك أن تتحمل رؤية أخوتك وأبنائك، وشباب بعمر الزهور مخضبين بدمائهم بلا جرم أرتكبوه، ثم تؤخذ مسبيا بلا ذنب.. نعم هذا الموقف من الصعب أن  يتحمله شخص عادي لكن ..!!



هي فقط من استطاعت تحمله، لقد رأت ذبح الأعداء لأخيها  وقطعهم لكفي كفيلها.. وقتلهم أبناءها وبقلوب مليئة بالكره والحقد !!، لقد أخذوها سبية من كربلاء إلى الشام.. وعند وصولها رأت الاستقبال الذي زاد نيران الحزن في قلبها .. لقد استقبلوها بالأحجار التي تنزل كالمطر عليها وعلى بنات الرسالة، فتشكو الحال إلى ربها وتقول : حسبنا الله ونعم الوكيل، ثم أدخلوها إلى قصر  يرأسه أرذل خلق الله ويقول لها بكل وقاحة وسخرية: ماذا رأيتِ صنع الله بكم؟



وقفت كالجبل الصامد مجلجلةً بصوتها مدافعة عن الدين راسية قواعد الثورة الحسينية مجيبةً بكل شجاعة وأيمان وثقة بالله عز وجل: والله ما رأيت إلا جميلاً!!



لقد هدّمت عرش الطغاة بكلماتها التي أخرست أكبر متحدث بينهم، ولقت ما لقت وعانت ما عانت من الجور والظلم ثم عادت إلى كربلاء البلاء حيث قبر أخيها أبي الفضل العباس (عليه السلام) ومشت اليه مسرعة ونيران الشوق تحرق قلبها.. رمت بنفسها على قبره تشم ترابه وترويه بدموعها الساكبة من شدة الحزن والألم وتقول له: أخي يا أبا الفضل لقد أخذوني سبية بعد قتلك..



جلست تعاتبه تارة وتعذره تارة أخرى تنادي يا كافلي ليتك ترى ما آل إليه حالي وترى لو علمت بأن أختك ضُربت بسياط عدوك وأزرقّ كتفها هل تبقى ساكتاً لا تتحرك ساكناً..



لا جواب يشفي جراح قلبها الدامي!



ثم تتوجه إلى قبر أخيها الحسين (عليه السلام) تهمر الدمع وتقول: أخي حسين يا نور عيني، أعذرني فلم أستطع أن آتي بأمانتك معي



لقد بقيت هناك وحيدة، بعد ذلك انصرفت عائدة إلى الديار محنية الظهر مكسورة الخاطر وتخط الأرض بثيابها، واستقبلتها شريكتها بالمصاب.. تسألُها بحرارة ممزوجة باللهفة والشوق: ولدي حسين أين هو؟!



فتجيبها: لقد ذبحوه عطشاناً.