2016-6-4
View :2996

الى صوب الحلة الفيحاء في بر ملاحة قرب حلة بني مزيد، معالم حضارة منسية لم يبق منها سوى أطلال وآثار، وجدران أربعة مهدمة مهجورة وباحة متروكة للنفايات، وبئر مردوم.. وباق مشاهد كل مَنْ يزورها تلفح صدره الحسرة، لما اعتراها من نسيان واجحاف واقصاء عن معالم السياحة والاثار التي لم يبق منها شيء يستحق الذكر سوى مئذنة شاهقة الارتفاع دالة على المسجد المنكوب.
ويحدثنا الشيخ حرز الدين عن مشاهداته لمسجد النخيلة فيقول: «وفي مسجد النخيلة محراب ـ مقام أدركناه ورأينا رسمه في العهد العثماني، المشهور انه الموضع الذي صلى فيه الإمام علي بن أبي طالب أمير المؤمنين (عليه السلام) عند خروجه إلى صفين، وخرج إليها عندما بلغه قتل عامله على الأنبار، وعند خروجه إلى حرب الخوارج في (النهروان) ماراً ببلد الحلة».
والمعروف عند مشايخنا والمعمرين انه كان في المسجد منبر كبير عال من الصخر، وقد حفر اليهود إلى جنبه حفيرة واردوه فيها وسووا عليه التراب، ولا يزال موجوداً تحت الأرض وفي شرقي المسجد منارة قديمة فخمة البناء كانت قائمة في سنة 1310هـ نقش عليها كتيبة كوفية بخط عريض من الحجارة مستديرة على طول المنارة، الموجود منها في الجانب الشرقي الشمالي (أحمد محمد، علي، حسن، حسين) وعليها كتيبة أخرى مستديرة في رأس ثلثي المنارة بخط عربي في سطرين بينهما خط يطوق المنارة، وفي بعض جدران المسجد الشمالية تأريخ بنائه القائم ومن بناه، والموجود من اليوم هذا: «بنى هذا البرج المشيد أبو الفرج المنصور..
وقد أقام اليهود جداراً إلى جانب الكتيبة هذه في المسجد وضيعوها بين جدارين، والظاهر لا تزال الكتيبة موجودة لمن نقب عنها.. ويبدو من بعض المصادر التاريخية أن اليهود استطاعوا بمكرهم وخداعهم أن يضعوا أيديهم على مسجد النخيلة وان يبنوا (فيه مخازن وبيوتاً وغرفاً يأوي إليها الزائرون منهم في عيد رأس السنة وعيد الكفارة وغيرها من المواسم).
كان هذا التصرف في المسجد من قبل اليهود مثاراً لغيرة المسلمين فكانت قصة منارة الكفل، التي أصبحت في ما بعد من المثل السائر بين الناس يستخدمونه للدلالة على التعجب ممن ينكر أمراً بيّناً واضحاً ويقولون نكرانا للحقيقة (هذا مثل منارة الكفل؟!).
وقال السيد رضا الهندي شعرا في هذا الموضوع:
عجبت بجحد الدهر بيعة حيدر       وما خصه المصطفى سيد الرسل
الى ان أعاد التاريخ لنا مثلها        فأخفى عن الأنظار مئذنة الكفل
وما زال مسجد النخيلة محافظا على هويته القديمة الا ان المكان بأسره يئن من وطأة الإهمال وقلة زوار هذه الثروة السياحية المهمة الذين قد يقتصر عددهم في احسن الاحوال على عدد من العوائل وربما بعض الوفود السياحية الاجنبية.
ويقول عقيل الكفلي الامين الخاص للمسجد سابقا ان «سور مسجد النخيلة الاثري يبلغ بعد اكتشافه طولَ 360مترا تقريبا، والمستظهر منه 230مترا وارتفاع تسعة امتار وعرض 1,30مترا»، مبينا أن «عمر السور 750 سنةٍ وقد غيب اليهود وطمسَوا معالمه واستظهرها ديوان الوقف الشيعي بالتعاون مع وزارة الدولة لشؤون السياحة والاثار».