2014-6-13
View :417

 


الاعمالُ الأدبية لا يمكن تقليدها فهل هي معجزة أسوة بالقرآن؟


 




نيتشهُ تحدى شعراء العالم وأدباءهم ان يكتبوا خُطبة واحدة من خُطب زرادشت في (هكذا تكلم زرادشت) فعجزوا !!!...
والامر ذاته فمن يستطع أن يكتب مثل المتنبي وامرؤ القيس ونزار قباني وجبران وحتى علي بن أبي طالب في نهج البلاغة؟!
الإبداع الأدبي لا يكرر ولايثّنى ، ولكن علامة الإبداع البشري هو انه لايأتي كله على درجة واحدة ونفس واحدة بل تجد به البديع الذي تطرب له النفوس وتجد الممل.
لا يمكن إثبات كون القرآن الكريم معجزاً من جهة كونه إبداعاً أدبياً بمعنى الإبداع الشخصي للأديب!فالإبداع الأدبي عمل إنساني ولا يصح أن يكون مورداً للتحدي , لأن التحدي في المعجز إنما يستند إلى إمتناع النظير لا على نسبة الإبداع إلى صاحبه، فكل عمل سواء كان أدبياً أم علمياً أم فنياً يصح أن يقال فيه أنه معجز بهذا اللحاظ ، وسر ذلك أن الأعمال بلحاظ إنتسابها إلى أصحابها جزئيات حقيقية لا تنطبق إلاّ على خصوص متعلقاتها الخارجية. أما الإبداع القرآني فبالإضافة إلى أنه نتاج غير بشري فكذلك هو عادم للنظير بغض النظر عن نسبته إلى السماء، بل هو في حد ذاته عادم للنظير والمثيل، والتحدي هو علامة الإعجاز فيه لا الإعجاز عينه. وقلتم الإعجاز يكمن في عدم القدرة على اتيان بنظير القرآن وشبيهه، فلربما سائل يسال ، ماذا يعني النظير والمشابه؟
كما اشرنا آنفا أن إعجاز القرآن يقع في جهتين: الجهة الأولى: نظمه المعجز وبلاغته التي لا ينهض بمثلها أي عمل أدبي مهما كان, ومن جملة ذلك روعة أسلوبه وإتقان مضمونه وعلو رتبته في البيان، بحيث يكون ذلك النظم فوق ما تقتضيه صناعة الأدب، بل يتفوق من حيث المضمون على أي كتاب آخر. الجهة الثانية: تحديه لكل العرب فضلاً عن أدبائهم وشعرائهم وبلغائهم أن يأتوا بسورة من مثله، ولما كان فصحاء العرب المعاصرون لنزول القرآن قد سمعوا هذا التحدي ومع ذلك لم يتمكنوا من معارضته رغم أنهم لو فعلوا ذلك ـ على فرض قدرتهم على المعارضة ـ لكانت تلك المعارضة له بإيجاد سورة نظير سوره أو شبيهة بها لكان يكفيهم المؤونة في دحض حجة النبي(صلى الله عليه وآله) وإبطال دعواه، وهذا هو غاية ما كان بعضهم يرمي إليه.
ولكنهم عجزوا عن تلك المعارضة فثبت أنه معجز وأنه من عند الله لا من عند النبي محمد(صلى الله عليه وآله)، وهو (صلى الله عليه وآله) لم يؤثر عنه قبل البعثة تفوقاً في شعر أو أدب أو علم أو كتاب.
وينبغي أن نلفت انتباهك إلى أن التقليد الذي يمتنع في كل عمل أدبي إبداعي، ليس هو سر إعجاز القرآن وإلاّ لكانت جميع تلك الأعمال إعجازية، وليس كذلك لأن قوام الإعجاز إنما يكون مستنداً إلى علو الرتبة بحيث لا يكون بنفس مستوى الأعمال الأدبية التي تقع كلها تقريباً في مرتبة واحدة ، لأن كل تلك الأعمال الأدبية تشترك في كونها عملاً أدبياً وأن تفاوتت مضموناً واسلوباً، ولكن القرآن ليس مجرد عمل إبداعي بل هو أسمى من ذلك لمكان نظمه العجيب المقرون بالتحدي.
وقولنا أن مناط إعجاز القرآن ليس من جهة عدم تقليده لأن كل إبداع أدبي شخصي لا يقلد، لا يعني إمكان تقليد القرآن إذ هو في أعلى رتبة الأبداع لو صح لنا أن نقول ذلك (لأن الإبداع يقاس بالمستوى البشري والقرآن معجز غير بشري) وإنما كان نفينا للقاعدة الكلية التي أراد السائل أن يلزمنا بها وهي: لو كان مناط الإعجاز هو عدم إمكان التقليد فإن كل عمل أدبي يكون معجزاً لعدم إمكان تقليده فهو كبصمة الإبهام من حيث اختصاصها بصاحبها، فكان جوابنا أن دعوانا بإعجاز القرآن خص من المدعي وأن المناط في الأعجاز ليس هو عدم أمكان التقليد وإنما لخصوصيات خاصة (مع إثبات عدم التقليد) هو كونه عادما للنظير والمثيل فإن العرب كانت وما زالت تقارن بين شعر الشعراء الذي فيه الأعلى والأوطأ والمساوي، فإنهم كانوا مثلاً يقارنون بين أبيات للنابغة وأبيات لامرئ القيس ومن الواضح أن لكل أسلوبه وبلاغته ونمطه الخاص من أساليب البلاغة ولكن مع ذلك كانوا يحكمون بالمناظرة والمساواة بين الشعرين ولذلك اختاروا المعلقات ليكون فيها نوع من المكافأة والمناظرة ولكنهم عندما سمعوا القرآن أدركوا مباشرة ب أنه لا نظير له ولا مثيل ولا يمكن مجاراته. فلاحظ.ر