2014-7-6
View :552

عبد الرضا هيجل


تكتسي المشاعرُ حلةَ كآبةٍ تمخضت من احاسيس مآسٍ ترتعُ بفؤادٍ هامَ في خِضمِّ بحرٍ متلاطمٍ من امواجٍ جياشةٍ في النفسِ الانسانيةِ, بسببِ مشكلةٍ شررُها تطايرَ واتسعَ مداهُ, فاثّرَ انفعالاتٍ تبدو على صاحبها تميزاً سرعانَ ما يظهرُ جلياً في رؤيةِ المقابلِ له, يشاركها في مسعاها المؤلمِ شيطانٌ واكبَ النفسَ ,يُغويها شراً فلم تسيطرُ عليه, فركبها وزمَّ قيادتَها,قد تجسدت هذه اللوحةُ مرتسمةً في نفسِ صديقٍ قديمٍ التقت به عيناي في  شارعِ الحياةِ من زقاقٍ قديمٍ من ازقةِ كربلاءَ, رأيته والدموعُ في مآقيه مراقةً, والاهاتُ في مآسيه مخزونة ً ,ولعل الخطبَ  الملمَ به روّعَ نفسَه فلم يستطع اخفاءَه, فبدا جليا بين ثنايا تجاعيدِ سرائرِه ,وخطوطِ سنينِهِ, ولم أألفْ منه ذلك منذُ زمنِ الافتراقِ ,فمددتُ  قلبي له بأشعةِ الانقاذِ لكي اُناجيهِ ,والعيونُ تُعبّرُ عن اللسانِ الذي ارتعدَ مخفقاً من النطقِ  ولو بحرفٍ واحدٍ ضلَّ سبيلَهُ في وقتها, ورغم ذلك فإنه قرأما يجولُ بخاطري, فأومأَ بتحيتِهِ الباردةِ, ممزوجةً بعطاءِ الحزنِ الممتلئِ بالانّاتِ, وسكتَ ففكرتُ في نفسي هل أجاريهِ بالاهاتِ المعهودةِ في مثلِ هذا اللقاءِ ام التمسُ منه إستجابةً بالكلامِ, وكان القرارُ سريعاً بعد أن أومأ لي بضرورةِ الصمتِ مؤقتاً كي يرتديَ الصبرَ والسلوانَ, ثم يتدفقُ معبّرا عما فيه,  وهالني منظرُهُ وهو يشدُّ على يديَّ بدلاً من الشدِّ على يدِه, وكأنما وجدَ بي دافعاً للرجاء ِلما اتميزُ به من خاصيةِ متابعاتي القرآنيةِ, ولعلهُ ينتهلُ من نبع ٍقدسيٍّ يشفي غليلَه, وينجو من عضالِ موقفِهِ, فاستوعبتُ ما به, ونما شعورٌ في خاطري لأخذِهِ لشاطئِ الامانِ ,فأخذتُه بقلبِهِ قبلَ يدِه الى بيتٍ يُذكـرُفيها اسمُ اللهِ, يُسبَحُ له فيها بالغدوِّ والاصالِ، تتهافتُ اليه النفوسُ, فتستزيدُ طمأنينةً، وماأن استوضحَ جليَّ الامرِ, رمى نفسَهُ بينَ دفتي مصحفٍ تناولَهُ بشغفِ الولهِ المتيم ِالضامئِ للاملِ, وراحَ ينتهلُ من روافدِهِ المعطاءِ, معيناً لاينضبُ, وحلاوةً لاتملُّ, وغذاءاً لاينفدُ, ورأيتُه وقد انبلجتْ اساريرُه, وانقشعتْ غمتَهُ, ويرددُ مايقرأ: ( ان اللهَ وملائكتَه يصلونَ على النبيِّ ياايها الذين آمنوا صلوا عليهِ وسلموا تسليما), وقد اغرورقتْ عيناهُ بالدموعِ فرحاً مردِداً: (ألابذكرِ اللهِ تطمئنُ القلوبُ )مرةً ومرتين وثلاثاً واربعاً, وظهرتِ الابتسامةُ على مُحيّاهُ, وكانت مليئةً بالاملِ, واختلفَ عما سبقَ تماماً, وأخذنا نتناقشُ بإمور قرآنيةٍ لاتمتُّ بصلةٍ بواقعِهِ المريرِ الذي كان يعيشُهُ, وملأَ اُذنيَّ ترانيمَ سعادتِهِ عرفاناً لي بلقائِهِ, وقفلَ راجعًا وهوَ يحملُ سراً مستودعاً في صدرِهِ, لاأعلمُ كنهَهُ, ولاأعرفُ مداهُ ,وسعادتُه الغامرةُ بالطمأنينةِ الالهيّةِ انتشرت فيهِ معربةً عن حلِّ معضلتِهِ ,وانهاءِ ازِمّتِهِ, استعاضَ بها عن طبيبِ النفسِ, ودواء النجوعِ , بالتدبرِ في المعاني الساميةِ لاحلى الكلامِ0