2014-8-10
View :740

 


الخطبة الاولى لصلاة الجمعة بإمامة السيد احمد الصافي في 4/شوال/1435هـ الموافق 1/8/2014م :

الخطبة الاولى لصلاة الجمعة بإمامة السيد احمد الصافي في 4/شوال/1435هـ الموافق 1/8/2014م :



اشار سماحة السيد احمد الصافي في خُطبته الاولى لصلاة الجُمعة التي اقيمت في الصحن الحسيني الطاهر في الرابع من شوال المصادف الاول من اب اشار الى جوانب تربوية مهمة من خلال التطرق الى حديث الامام الباقر عليه السلام:  



برواية أبي بصير قال : سمعته يقول : اتقوا المحقرات من الذنوب فإنّ لها طالبا ، يقول أحدكم : أذنب وأستغفر ، إن الله عزّ وجلّ يقول : ( ونكتب ما قدموا وآثارهم وكل شيء أحصيناه في إمام مبين ) وقال عزّ وجلّ ( إنها إن تك مثقال حبة من خردل فتكن في صخرة أو في السموات أو في الارض يأت بها الله إن الله لطيف خبير ).

الرواية الشريفة فيها مضمون تربوي كبير جداً، العلماء بعضهم يقسم الذنوب الى ذنوب كبيرة وذنوب صغيرة.. والبعض يجعلها كلها كبيرة لإنها عبارة عن تجاوز لحدود الله تبارك وتعالى 

الانسان قد يصطدم ببعض الذنوب او يصطدم بالمرغبات للذنوب وهو في غفلة من الغفلات يرتكب الذنب إما بقلّة ورعه والعياذ بالله او غلبة سلطان الهوى. 

في بعض الحالات الانسان يحاول ان يسهّل الخطب لنفسه.. والاخرون يحاولون ان يخففوا عنه وهذه الامور ممكن ان تعوّض .. في القضايا الدنيوية هذا الامر حسن ان الانسان يستعيد عافيته من خلال توهين هذه المصيبة والصبر عليها..

في القضايا الاخروية ، قد يقيس الانسان هذه بتلك .. الامام (عليه السلام) ينبّه الى قضية قد نكون نحن في غفلة منها وهي ان الانسان قد يرتكب الذنب تسهيلا ً له وباعتبار ان هذا الذنب قد يُغفر بالاستغفار فيحاول ان يشجع نفسه ويهوّن الخطب في حال ارتكاب الذنب..

قطعاً قياس الامور الدنيوية بالامور الاخروية في هذا الجانب قياس باطل ..

الانسان عندما يتعامل مع الذنب لابد ان يعلم مع من يتعامل ومع من يتحدى ومع من يتعرّض لسخطه .. قطعاً هو الله تبارك وتعالى .. الشيطان عندما يقلل من قيمة الذنب امام نفسه سيفتح له مجالا الى ان يرتكب غيره بل سيتعوّد على الاصرار ان الانسان يصرّ على الذنب ثم يبدأ يستغفر فيحقّر قيمة الذنب لأن تقليل قيمة الذنب بأنه سيستغفر بعد ذلك فهذا الذنب قدره قليل والله تعالى سيتجاوز بأنني سأبادر بعد الذنب بالاستغفار..

هذا المنظور وهذه الثقافة ثقافة خاطئة نعم الله تبارك وتعالى يغفر والله تبارك وتعالى يعفو لكن متى ؟! ان لا تكون للانسان جرأة على ان يذنب ويصر على ارتكاب الذنب.. الانسان يذنب ثم يتوب توبة نصوحة خالية من الوساوس فالله تعالى يتوب عليه .. 

على الانسان ان يعوّد نفسه على الاستغفار لا ان يعوّد نفسه على الذنب والاستغفار..هذا هو المطلوب.. ويجعل الاستغفار حالة من الانقطاع الى الله تبارك وتعالى وحالة من التذكّر لله تعالى ..

ثم يقول (عليه السلام) : (فإنّ لها طالبا ، يقول أحدكم : أذنب وأستغفر) 

من يطلب هذه الذنوب : الله تبارك وتعالى، الله تبارك وتعالى مع سعة رحمته وان هذه الرحمة تسبق الغضب لكن الله تعالى لا يفوته شيء ولا يُعجزه شيء ولا ينسى شيئا.. والله تبارك وتعالى يطلبنا..

نحن المطلوبون فنحن بين طالب وبين مطلوب ..الطالب الله سبحانه وتعالى ونحن المطلوبون ..والمطلوب لا يمكن ان يفر من طالبه..الطالب المراقب الدقيق المحيط الذي لا ينسى ولا يسهو ..

الامام (عليه السلام) يريد ان ينبهنا لا تنظر الى صغر المعصية ولكن انظر الى عظمة من عصيت.. فهذه المحقرات من الذنوب تجر الى عظائم الذنوب والعياذ بالله فضلا ً عن انها ثقافة غير صحيحة.. 

ثم يقول (عليه السلام) : (إن الله عزّ وجلّ يقول : ( ونكتب ما قدموا وآثارهم وكل شيء أحصيناه في إمام مبين ) وقال عزّ وجلّ ( إنها إن تك مثقال حبة من خردل فتكن في صخرة أو في السموات أو في الارض يأت بها الله إن الله لطيف خبير ).

أي شيء الانسان يقدم ويعمل الله تعالى يسجله لا يغيب شيء لا صغيرة ولا كبيرة فأي حيلة وأي حجة للمطلوب من الطالب واي مكان يحجزنا عن الطالب الذي هو الله تبارك وتعالى .. حقيقة لا يوجد شيء.. 

قضية علاقتنا مع الله تبارك وتعالى .. نسبة العبد الى السيد، نسبة المربوب الى الرب، نسبة المحكوم الى الحاكم، ونسبة الصغير الى الكبير، ونسبة الحقير الى العظيم .. والفقير الى الغني..

الانسان قد تسوّل له نفسه في ان يرتكب المعاصي وان يتجرأ على تجاوز الحدود التي رسمها الله تعالى..

اخواني التوبة يجب ان تكون سابقة للذنب والانسان اذا اذنب وزاغ قلبه ووقع في المعصية عليه ان يتدارك وهذا التدارك يجب ان يكون فوريا لذلك وجوب التوبة وجوباً فورياً .. فالانسان عندما يذنب لابد ان يتوب فوراً وان لا يقول اتوب بعد ذلك..

الانسان يستضعف هذا الذنب فيقول ذنب قليل.. فالله تعالى لم يحد هذه الحدود اعتباطاً ونسياناً وسهواً وانما جعل هذه الامور كلها وفق ميزان واحد وهو ميزان العدل..