2015-1-24
View :452

مستقاةٌ من الخُطبة الاولى لصلاة الجُمعة بإمامة السيد احمد الصافي  في 24/ربيع الاول/1436هـ الموافق 16/1/2015م :


في الصحيفة السجادية للامام السجاد (عليه السلام) هناك عنوان يُلفت النظر؛ حيث أن هناك ادعية مختلفة ولكن هذا العنوان يُلفت النظر وهو: (دعاؤه إذا ابتلي أو رأى مبتلى بفضيحة بذنب).
الانسان تارة يُبتلى بذنب وتارة يرى الاخر يُبتلى بذنب.. كلا الأمرين الانسان يتفاعل معهما تفاعلا ً ايجابياً ..لا يجعلن احد منا الشيطان يغلبه وان ارتكب ذنباً .. لا يجعل الشيطان يؤيس من الرحمة الالهية الواسعة التي تكون مصداقاً من مصاديق النبي والائمة الهداة عليهم السلام .. (وما ارسلناك الا رحمة للعالمين).
والله تبارك وتعالى دائما رحمته تسبق الغضب.. فالإنسان يرتكب من الذنوب والعياذ بالله لكن عليه ان يستفيد من الرحمة اما اذا استحكم الغضب الالهي والعياذ بالله المسألة تكون خطرة جداً ولات حين مندم .. فلا توجد قدرة في العالم تحجب قدرة الله تعالى اذا اراد ان ينتقم فالنتيجة ليس لدينا مهرب من الله تعالى الا اليه ..  والله تعالى فتح ابواب الجنة وابوابا واسعة والانسان اذا اراد ان يهرب يدخل الى أي باب من الابواب ينجو لكننا قد نعمى والعياذ بالله عن الخطر فلا نهرب او قد نهرب لكننا لا نعلم الى أين.
الانسان اذا تلبّس بالمعاصي لا يعتقد ولا يفكر ان هناك خطراً ولا يفكر بالهروب الى الله تعالى ولكنه يبقى جاثماً على المعاصي الى ان يدركه الموت وهو السلاح والسوط الذي قهر الله به عباده .. لكن الانسان اذا التفت الى انه على خطر لابد ان يهرب ويجري بأقصى ما يمكن من السرعة فعلى الانسان ان يُسرع للتوبة فقد لا يتوفق الانسان اصلا ً اذا سوّف التوبة ولذا العبد المطيع الواعي عليه دائماً ان يجنّب نفسه الذنب ويبتعد عن الذنب واذا اذنب الانسان يجب عليه ان يتدارك ذلك بالتوبة.
يقول الامام السجاد في هذا الدعاء الشريف : (أَللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ عَلَى سِتْرِكَ بَعْدَ عِلْمِكَ، وَمُعَافَاتِكَ بَعْدَ خُبْرِكَ، فَكُلُّنَا قَدِ اقْتَرَفَ الْعَائِبَةَ فَلَمْ تَشْهَرْهُ، وَارْتَكَبَ الْفَاحِشَةَ فَلَم تَفْضَحْهُ وَتَسَتَّـرَ بِالْمَسَاوِي فَلَمْ تَدْلُلْ عَلَيْهِ، كَمْ نهْي لَكَ قَدْ أَتَيْنَاهُ، وَأَمْر قَدْ وَقَفْتَنَا عَلَيْهِ فَتَعَدَّيْنَاهُ).
وهنا مسألة الحمد من المسائل فضلا ً عن الاستحقاق الالهي ان يُحمد هي مسألة تربية ان الانسان يربي نفسه على الحمد ويربي نفسه ان يكون لسانه لساناً شاكراً ويعوّد نفسه على تذكّر ما هو فيه من النعماء .. ان كل حمد ينتهي الى الله تبارك وتعالى فالله تعالى هو الذي هيأ وسبب وبيّن ووضح .. فدائماً لسان المؤمن لسان حمد وشكر .
وعندما يقول (عليه السلام) (أَللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ عَلَى سِتْرِكَ بَعْدَ عِلْمِكَ) نلاحظ أن الحمد هنا ليس للذنب ولكن الحمد هنا هو الستر على الذنب فالذنب يستوجب منّا ان نبكي وان نسعى للمغفرة وان نتدارك ذلك.. اخواني رقاب العباد فيما بينهم من الصعب التخلص منه فالانسان اذا اذنب مع احد كأن سرق ماله او اغتابه و اخذ حقه او تكلّم عنه بسوء.. كيف نتدارك ذلك ؟! والذنب يحتاج الى سرعة في تلافي الذنب ..
الله تعالى ستر علينا .. ولكن لماذا؟! نحن فضحنا انفسنا امام الله تعالى والله تبارك وتعالى لا يحتجب عنه بحجاب والله تعالى يعلم خائنة الاعين وما تخفي الصدور لكن الله تعالى يربينا فالله تعالى رب كل شيء وهو يربينا ومن جملة التربية الله يستر علينا لا يفضحنا نحن قد هتكنا الستر وتجاوزنا المحرمات لكن الله تعالى لا يفضح والله تعالى يستر لأن الله يحبنا والله رحيم بنا وان فعلنا والله يبقى معنا الى ان نأتي الى حظيرة التقوى والايمان. هذا المقدار يحتاج الى حمد ان الله تعالى ستر علينا هذه نعمة وهو القادر على ان يفضح لكنه ستر .. الله يقابلنا بالستر ونقابله بالإثم الله يقابلنا بالنعمة ونحن نقابله بالمعصية .. ولذلك فإن هذه الفضيلة وهذا الخُلق خُلق الستر ايضاً فيما بيننا مطلوب ان الانسان يستر على عيوب الاخرين اذا رآها وللأسف ان هذه الخصلة يُعمل بضدها.. تجد ان الانسان يتحرى عيوب الاخرين فالله لا يرضى منّا ان نتحرى عيوب الاخرين ولذا هنا ان الله قد ينتقم من العبد ويفضحه لأنه لم يتأدب بأدب الله تعالى ..وهذا الخلق الذي نحتاجه من الله تبارك وتعالى .. طبعاً نحن قد يخشى احدنا من الآخر اذا اذنب فكيف بالله تعالى الذي أعدّ لمن يرتكب المحرمات وبقي عليها اعدّ له شيئاً مهولاً جداً فواقعاً لا نقوى عليه.. ودائماً الانسان لابد ان يتذكر ويتأمل ويعي وان روايات الائمة الاطهار وادعية الائمة الاطهارعليهم السلام هي خير منبّه وتحتاج هذه المنبهات دائماً الى من يشحذها في النفس و»الانسان على نفسه بصيراً» هو يعلم بينه وبين الله ماذا ارتكب وماذا فعل والايام أمامه واللحظات امامه عليه ان يفزع الى الله تعالى ويهرب من الله إليه.