2015-2-5
View :468

عبد الستار جابر الكعبي


 


يُعاني المواطنُ كثيراً من مشاكل الحياة العامة منها الأمنية والاقتصادية والخدمية وانخفاض دخل بعض الأفراد من شرائح المجتمع كالمتقاعدين وصغار الموظفين وحديثي التعيين والأرامل والأيتام والكسبة البسطاء وغيرهم..ومن اهم تلك المشاكل والتي تسبب حرجاً شديداً للمواطن الفقير وصاحب الدخل المحدود هي فيما يتعلق بالجانب الصحي حيث نجد ان اكثر المستشفيات تفتقر الى الأطباء المخلصين لشرف المهنة الذين يشعرون بالمسؤولية الإنسانية والتضحية والإيثار وهذا ما ندر..
والملاحظُ ان المريض عندما يراجع المستشفيات او المراكز الصحية الحكومية المختلفة، فإنه لم يلمس من الطبيب أي اهتمام حيث يكتب الطبيب علاجه بدون فحص او حتى بدون سؤال عن مرضه وكأنه يعلم الغيب، علماً بأن الدولة قد وفرت في غرفة الطبيب احدث الأجهزة والمعدات لإجراء فحص المريض والتأكد من تشخيصه للمرض كي لا تحدث أي مضاعفات بسبب تناول العلاج بصورة خاطئة مما يتسبب الوفاة وهذا ما يحصل فعلا في كثرة الوفيات نتيجة التشخيص غير السليم لبعض الحالات، حيث لم نجد من يحاسب المقصر ويردعه ولا من يوقفه عند حده كي لا يتسبب في إزهاق أرواح الأبرياء، واذا كلف الطبيب نفسه وسأل المريض عن أسباب مرضه فانه يستفزه نفسياً بحيث يزيد عليه الطين بلة ويوهمه بأن مرضه خطير وعليه ان يراجع خارج المستشفيات للدقة والاطمئنان لأن مرضه قد يستفحل ويؤدي به الى العوق او الوفاة، وبهذا يجعل المريض في دوامة من القلق النفسي والصحي في آن واحد، وهذا يحدث من بعض الأطباء الذين يتناسون شرف مهنتهم الإنسانية ولا يهمهم حياة المريض بقدر تفكيرهم بكسب المال الكثير ونهش عافية ذلك المسكين الذي ينتظر رحمة الله ومروءة الطبيب، بل البعض منهم يكون فكره ونظراته على إفراغ جيب المريض في كثرة التحاليل والفحوصات المختبرية والسريرية (تحاليل اشعات وادوية واجهزة شخصية) قد يكون المريض بغنى عنها، لكن الطبيب يصر على ذلك كي يستفيد من ذلك، حيث أصبح اليوم أغلب الأطباء يمتلكون مختبرات وصيدليات وعيادات أشعة سونار ومذاخر ادوية ومستلزمات طبية وغيرها، اضافة الى عياداتهم الخاصة وحيث ان هذا الوضع الحالي جاء مواتياً لرغبتهم في كسب المال في أي طريقة كانت، حيث غابت عنهم عيون الجهات المسؤولة في تحديد طريق عملهم ومراقبة سلوكهم في الوظيفة الحكومية وممارسة مهنتهم في العيادات الخاصة، ناهيك عن استحواذهم على العمليات الجراحية لصالحهم وترغيب المريض في إجرائها في المستشفيات الأهلية الخاصة بحجة عدم وجود الفرصة او حسب الحجز المسبق لوقت متأخر قد يكون ستة اشهر او سنة مما يجعل المريض مع وجود قلقه النفسي يرضخ للأمر الواقع ويلجأ الى المستشفيات الأهلية لا الحكومية وذلك مهما كلفه الأمر حتى بيع داره، ولأن أسعار الفحص في العيادات والمستشفيات الأهلية متفاوتة وحسب مزاج الطبيب قد يصل بين (15-25) الف دينار واكثر لكن هناك البعض القليل من الأطباء من يخلص عمله لوجه الله تعالى ولا يريد الا رضاه، ويكون جادا في عمله الوظيفي ولا يتعدى أجور فحص المريض في عيادته اكثر من (3 الاف دينار) ويقبل بالقليل القليل ليحصل في آخرته على الكثير الكثير، وهذا النوع النادر من المخلصين ذكرني حالة حصلت في جمهورية الصين الشعبية بين الخمسينيات والسبعينيات من القرن الماضي حيث ظهر عدد هائل من الأطباء (الحفاة) وكانوا ينتشرون في القرى والأرياف وهم حفاة يحملون حقائبهم على ظهورهم لا يعبأون بالحر او البرد ولا من أشواك الحقول وكان همهم معالجة المرضى ويعتبرون ذلك العمل شرف المهنة والإخلاص للوطن وخدمة المواطن ولم يفكروا حتى في شراء الأحذية لسلامة أرجلهم وهم وسط المزارع والحقول، وهذا هو المثل الأروع والنموذج الأفضل، حبذا لو كان أطباؤنا همهم الأفضل والأحسن لأنهم من بلاد نزل فيها القرآن وفضلهم بالإسلام ومن تحلى بهما نزع الجشع من قلبه ورضي ضميره بالقليل الحلال، وما يريده الله سبحانه وتعالى منهم هو ان لا يكونوا حفاة القدمين بل يريد منهم ان يكونوا حفاة من الذنوب...