2015-2-14
View :791

تحقيق : قاسم عبد الهادي


 


حالات فقدان الأطفال أو الذين يعانون من أمراض نفسية تزداد في الزيارات المليونية بسبب صعوبة معرفة ذويهم، هنا يتطلب توفير مكان مناسب لهم ريثما يستطيعون الوصول إلى ذويهم، ولمعرفة كيفية التعامل مع هذه الحالات، اتجهنا إلى أصحاب الشأن مستفسرين منهم عنها :



 (محمد عبد الجاسم - مسؤول مركز المفقودين)


وكان اول المتحدثين محمد عبد الجاسم مسؤول مركز المفقودين التابع لقسم بين الحرمين الشريفين الذي تحدث قائلا :» الملفت للنظر خلال زيارة الاربعينية الاخيرة انه قل عدد الاطفال المفقودين نوعا ما مقارنة مع الزيارات الاخرى السابقة حيث كنا نستقبل عددا من المفقودين والذين كان يبلغ عددهم  من 25 الى 30 شخصا يوميا (مبيت) وهذا العدد قل كثيرا بعد المبادرة الكريمة التي قامت بها الامانة العامة للعتبة العباسية المقدسة بتشكيل لجان خاصة بتوزيع الباجات للأطفال على الطرق الخارجية المؤدية الى محافظة كربلاء حيث اصبح لكل طفل باج تعريفي خاص به يحتوي على رقم الهاتف الخاص بالعائلة إضافة الى اسم العائلة واسم الطفل المفقود والذي سهَّل لنا كثيرا من عملية الفقدان من خلال الاتصال المباشر بالعائلة او ان الطفل يستطيع التكلم واخبارنا عن اهله ,اضافة الى مشكلة المعوقين والفاقدين للذهن والذين لديهم خلل عقلي هذه العملية سهّلت من عملنا كثيرا من خلال صرف الباجات التعريفية لهم «.
واضافَ:» هناك مشكلة واجهتنا وهي عدم احتفاظ بعض الاطفال بباج التعريف الخاص بهم بعد العبث به فقد طلبنا من المراكز الخاصة بتوزيع الباجات كتابة رقم الهاتف على يد الطفل وهذا الموضوع رفضه بعض العوائل اما العوائل الاخرى فقد رحبت بتلك المبادرة , ونحن بدورنا نستقبل فاقد الباج والمعوق والذي لديه خلل عقلي في الايوانات الخاصة بنا وتوفير لهم الوجبات الغذائية والخدمات الصحية وغير ذلك من اجل خلق نوع من الامان لهم ويبقى معنا طوال فترة الزيارة ولكن بعدها يتم رفع بهم كتاب الى القانونية التابعة الى قسم بين الحرمين الشريفين والمحقق العدلي وبحكم عملهم وتواصلهم مع الدوائر الاخرى يتم اتخاذ الاجراءات القانونية بهم فيتم تحويلهم الى الاحداث والكبار في السن والمعوقين الى جهة الرعاية ولكن المعلومات الخاصة به تبقى محفوظة لدينا من اسم وصورة لان هناك احتمالاً لمراجعة الأهل لنا».
وبينَ ايضا :» وفيما يخص الفتيات والنساء نقوم بالاهتمام اكثر بالأعمار الصغيرة  دون سن الثالثة عشر من خلال النداء على ذويهن واذا لم نحصل عليهن يتم تحويلهن ليلا الى إيواء النساء الخاص بنا او الى الايواءات الخاصة بالعتبة الحسينية المقدسة في صحن العقيلة زينب او يتم تحويلهن الى المنتسبات الموجودات في الصحن الحسيني او العباسي مع إبقاء معلوماتهن موجودة لدينا اما المفقودات من الزائرات الكبيرات في العمر فيتم المناداة على أهلهن ويتم الحصول عليهم بعد مدة زمنية قصيرة جدا , وفي هذه الزيارة دخل الإيرانيون بأعداد كبيرة وبلغت نسبة المفقودين الى ما يقارب الـ 85 % من مجموع الزائرين بسبب كثرة عددهم وعدم امتلاكهم لشرائح اتصال عراقية واكتفائهم باتصالاتهم فيصعب بذلك علينا الوصول إلى أهاليهم».



ومن جهته تحدث الحقوقي صباح فاضل حنش من شعبة القانونية  التابعة لقسم بين الحرمين الشريفين قائلا:»بالنسبة الى آلية عملنا لدينا ثلاثة أنواع من المفقودين ومنهم من فقد اهله خلال فترة الزيارة وكذلك الهارب من اهله والمجنون ... والهارب من أهله قد يكون ذكرا حدثا او فتاة حدثا او بالغة قد دفعتها بعض الظروف العائلية لذلك ونحن بدورنا نتعامل مع هذه الطبقات كلا منها حسب نوعه وحالته فالمفقود يمكن الحصول على اهله اذا كان بالغا ولديه المعلومات التي من شانها نستطيع الاتصال باهله لاستلامه ولدينا ايضا سجل خاص بالرجال والنساء  بجميع الحالات الخاصة بعملية الفقدان وإذا كان المفقود حدثا ولا يمتلك اية معلومات عن اهله ففي هذه الحالة يتم تحويله من قبلنا الى الاحداث للاطلاع اكثر , اما فاقدو الذاكرة والمجانين فيتم سؤالهم عن مكان سكناهم وبعدها يتم إرسالهم عن طريق سيارة خاصة بنا اليها ومن بعدها الوصول الى محل سكناهم او يتم معرفة محل السكن عن طريق اشخاص من المنطقة نفسها ,واذا كان لم يمتلك أية معلومات عن أهلهم وعن أنفسهم فيتم تسليمهم الى مركز الشرطة لاتخاذ الإجراءات القانونية بحقهم وتحويلهم الى المستشفى الصحي الى حين ما يتم ظهور احد الأشخاص من ذويهم «.
واضافَ:» فيما يخص النساء فتقسم الى قسمين البالغة في العمر وغير البالغة يعني اقل من 18 سنة؛ واما المفقودات من النساء والتي لا تمتلك معلومات عن اهلها فهذا الامر نتحفظ به كثيرا بعدم ارسالها الى مراكز الشرطة ويتم تحويلها الى الزينبيات لمدة قصيرة «.
وبينَ:»عملنا كثير ونحتاج الى مكان اوسع وكذلك نحتاج الى كادر نسوي يتم دمجه مع الزينبيات في الحالات الخاصة بالنساء المفقودات , ولدينا الية عمل وتعاون كبير مع دوائر الدولة الاخرى وخاصة المحكمة حيث يتم ارسال المفقودين لهم وكذلك يتم ارسال لنا المفقودين من قبل بعض القضاة باعتبارهم فُقدوا في منطقة بين الحرمين او بالقرب منها فهناك احتمال العثور على اهلهم في هذه المنطقة ونتمنى التعاون بصورة كبيرة من دوائر الدولة معنا وبالأخص مكتب الاحداث  للوصول الى اهل المفقودين».



وقفتنا الاخرى كانت مع القاضي محمد ميري العلي من محكمة تحقيق كربلاء الذي تحدث قائلاً:»لدينا مكتب في كربلاء يسمى مكتب الاحداث واحد القضاة الذين تقدم له اوراق تحقيقية بخصوص المفقودين او الهاربين, فاذا كان المفقود لم يتم التعرف على اهله من قبل شعبة المفقودين التابعة لقسم بين الحرمين الشريفين فيتم تنظيم اوراق تحقيقية به من قبلهم الى مكتب الاحداث في المحافظة الذي يقوم بدوره بتدوين تلك الاقوال ليس بصفة شاهد وانما للتعرف على حقيقة هويته واسمه وبالتالي تقدم الى القاضي المختص بالأحداث الذي يقوم بتعميم صفات المفقود واسمه بجميع وسائل الإعلام المرئية والمقروءة وهذا ما يسمح به القانون والأمر يتطلب دعما ماديا من الحكومة المحلية او يتم الاعلان عنه والنشر مجانا او بتكلفة مادية قليلة «.
واما بالنسبة الى الهارب عن العائلة والمشرد كما يضيف العلي «فحكمه يختلف عن حكم المفقود فبعد ان يتم القاء القبض عليه من قبل الجهات المعنية وكان عمره دون الثامنة عشر فيتم تقديم الاوراق التحقيقية به الى قاضي التحقيق الخاص بالأحداث وتدوين اقواله وطلب محل سكناه ووسيلة الاتصال بذويه وبالتالي تتخذ الاجراءات القانونية  للوصول الى المدعين بالحق الشخصي او والدي الهارب واذا لم يستطع الوصول الى ذويه فيتم ايداعه في مكاتب الاحداث, ويمكن تقسيم الأحداث الى ثلاث مراحل (مرحلة الطفولة اقل من سن عشر سنوات , مرحلة الصبا اكثر من سن عشر سنوات واقل من سن الخامسة عشر , مرحلة الفتى الذي يودع في مدرسة الفتيان)».
وأضاف، «اما الذي لديه مرض عقلي فحكمه يختلف ايضا عن باقي الاحكام فبعد القاء القبض عليه فيتم استدعاء المدعين بالحق الشخصي الذين لهم علاقة به من الاباء او الاخوان وابلاغهم بان هذا الشخص يجب ارساله الى المستشفيات الحكومية الخاصة بالأمراض العقلية , اما في حالة عدم العثور على ذويه فالمحكمة في جميع الاحوال لها الولاية القانونية بإرساله الى المستشفيات الصحية وايداعه اذا ما كان ترك ذلك الحدث يسبب ضررا للمجتمع وله والامر يختلف بين الاحداث عن الاعمار المختلفة الاخرى لان الحدث مهما ارتكب جريمة معينة فانه لا يسمى متهما بل يسمى حدثا ... والمفقود اذا كان فوق سن الاحداث ولم يتم العثور على اهله وذويه يتم ايداعه في مستشفى الرشاد «الشماعية سابقا» اذا كان لديه أمراض عقلية يصعب علاجها وتسبب له وللمجتمع اضرارا كبيرة «.
وجاء في حديث العلي «ما يخص النساء المفقودات فحكمهن كحكم الرجال فتقوم المحكمة ببذل الجهود الكبيرة في سبيل الوصول الى ذوي البنت المفقودة وفي حالة تعذر ذلك وكان لها خلل عقلي فيتم ارسالها الى المستشفيات الخاصة بالنساء وبالنسبة لليتيمة فيتم إرسالها الى دار الايتام بقرار من القاضي المختص والمشردة او التي لا تحمل هوية تعريفية فيتم ايداعها عند الجهات الامنية لحين التعرف على ذويها واهلها, وتقوم المحكمة بالتدخل في حل القضايا الاجتماعية ان وجد للهاربة مع أهلها والذي ادى بالنهاية الى هروبها ... وحينها نقوم بأخذ كتاب تعهد من ذوي البنت في حالة تعرضها الى اذى او ضرر يودي بحياتها من قبلهم فيتم اتخاذ العقوبات القانونية بحقهم «.



أما وقفتنا الاخيرة كانت مع العقيد عقيل رزاق مكي مدير مكتب الاحداث في محافظة كربلاء الذي تحدث قائلا: «في حالة القبض على متشرد من قبل دوريات المحافظة وقوات الحرمين وقيادة شرطة كربلاء واذا كان عمره دون سن الثامنة عشر يتم إرساله الينا في مكتب الاحداث واغلب الحالات الواردة لنا هي دون السن التاسعة والعاشرة او الحادية عشرة فيتم تدوين أقواله من الاسم والعنوان ومن خلاله ارساله بسياراتنا العسكرية الى ذويهم بعد اخذ الموافقة من القاضي الخاص بالأحداث او نقوم بإحضار ذويهم والتعرف عليهم واخذ التعهد منهم بان هذه الحالة لا تتكرر مستقبلا, وفي جميع الاحوال يتم عرض الاشخاص على قاضي التحقيق الذي يقوم بإصدار الاحكام القانونية».
واضاف مكي «نواجه عدة حالات من بعض الاطفال الذين يقومون بإعطائنا اسما غير اسمهم الأصلي بسبب الضغط عليهم من قبل العائلة او زوجة الاب فحينها يتم تدوين اقوالهم حسب ما ذكروا لنا وعرضها على قاضي التحقيق وتحال الى رئيس محكمة الأحداث ويصدر فيها قرار مقتبس حكم وحينها يسفرون الى دور رعاية الدولة في محافظة بغداد الخاصة بالأحداث».
واختتم العقيد عقيل رزاق مكي بالقول: «في دور رعاية الدولة الوضع يختلف تماما عن باقي طبقات المجتمع من حيث النظام بتناول الطعام ومنه خلال تعليمهم الدراسة او مهنة معينة وكذلك يتم اخراجهم الى سفرات سياحية واذا اعترف الحدث سواء كان ذكرا او انثى بعد ذلك باسمه او اهله فيتم الاتصال باهله وعرضهم على قاضي التحقيق ومن بعدها يتم اخراجه من دور رعاية الدولة, وفي حالة عدم معرفة اهله نهائيا يتم الابقاء عليهم في دور رعاية الدولة لبلوغ سن الرشد ومن بعدها إما يتم تعيينه او تعليمه المهنة واخراجه منها بصورة جيدة للمجتمع وليس كما دخل لها بصورة سيئة».
مشكلة المفقودين بالطبع ستبقى قائمة، وهي بحاجة إلى إمكانيات على مستوى الدولة والتعاون المشترك مع إدارات العتبات المقدسة من أجل إيجاد الحلول الناجعة فضلاً عن تقديم الرعاية والاهتمام الكافي للمفقودين لحينَ الوصول إلى أهاليهم.