2016-4-22
View :1865

ابراهيم فيصل


لقد ارتبطَ حمل السلاح في عالمنا العربي بثقافة قديمة ربطت الى حد ما الرجولة والشجاعة بحمل السلاح منذ العصور التي كانت الأسلحة الفتاكة هي السيوف والخناجر (السكاكين الصغيرة) ومع التطورات الإنسانية التي شهدتها البشرية اخترعت الأسلحة التي تحمل باليد وتقتل من مسافات بعيدة جدا، عكس السيوف التي لا تصيب ولا تؤثر إلا بالمبارزة، وهكذا بدلاً ان تحمل تلك الأنواع من الأسلحة الخطيرة للدفاع عن المقدسات (الدولة شعباً وأرضاً وسماء)، أصبحت تحمل وتستخدم في ممارسات مختلفة وفي مواطن كثيرة وبطرق غير مبررة ولا ترتبط بالمفاهيم الإنسانية والأسلوب الحضاري الذي ينبغي ان يكون عليه عصرنا الحالي عصر التقدم والتطور العلمي والتكنولوجي والذي يطلق عليه اليوم عصر الكلمة، خصوصاً ان تلك الظواهر السلبية منتشرة في جميع الدول العربية عموما ومنها العراق اذ كان ولا يزال يعاني من مظاهر العنف وأدواتها التي لأترحم والتي تهدد أغلى ما وهبه الله للإنسان وهي الحياة.


ان هذه الأسلحة الخطيرة تستخدم في عدة مواطن وأماكن كما أسلفنا، فمن الناس من يستخدمها للتعبير عن الفرح ومنهم من يستخدمها للتعبير عن الحزن ومنهم من يستخدمها للدفاع عن النفس في بعض الاحيان، ولكن ما شهده المجتمع العراقي من تطور لتلك الظاهرة  انها  أصبحت تُستخدم في حل الخلافات اذ يتم حل الشجارات بجريمة قتل من خلال تلك الأسلحة النارية الوزن والثقيلة في الفعل فيرفع السلاح إثناء الشجارات، كما أصبحت أدوات للمزح في كثير من الأحيان فكم من شخص قتل نتيجة تلك المزاحات فضلا عن التعبير عن الفرح فإذا حدث امر  يعد مفرحا لعامة الناس نرى اهم ادوات التعبير عن ذلك الفرح بإطلاق العيارات النارية من تلك الاسلحة ، فضلا عن استخدامها للتعبير عن الحزن ايضا اذ تطلق الأعيرة النارية في إثناء تشييع الموتى، وهناك تقارير تؤكد ان تلك الأعيرة النارية عندما تطلق في الهواء إلى الأعلى قد تنزل وتتسبب في قتل من تسقط عليه من الناس، فيصبح من عبر عن فرحه في مناسبة خاصة او عامة أو مناسبة، انه قد يتسبب في قتل إنسان، فلا يعلم القاتل لمَ قَتلَ ولا يَعلم المقتول لماذا قُتل، وهذا منتهى التخلف، والظاهر ان المفرقعات (الأصوات العالية) لها علاقة بالحالة النفسية للإنسان فهناك شعوب تستخدم الألعاب النارية( المفرقعات) والتي تصدر أصواتا عالية وهي لا تؤذي، فهي تنفجر لا تتسبب في قتل الناس، اما في منطقتنا العربية وبالعراق تحديدا فإحدى أهم أدوات التعبير عن  المناسبات أيا كان شكلها هو بالاستخدام لتلك الأسلحة والسؤال هنا هل يمكننا من تقديم بدائل رادعة تساهم في إنهاء هذه المظاهر والخروقات الأمنية العمياء؟ ولابد من القول ان العقوبات هي إحدى اهم تلك الروادع بالإضافة إلى نشر ثقافة مختلفة عن تلك التي ورثناها من القيم العشائرية القديمة، وهذه البدائل سوف نتطرق إليها في الجزء الأخير من هذا البحث.
ولابد من التطرق إلى بعض المعايير الدينية التي تحرم هذه الاستخدامات والممارسات العبثية على أساس مراعاة مبدأ أغلبية العراق الساحقة من المسلمين، فقد حرم الإسلام منذ أكثر من ألف وأربعمائة عام الممارسات العبثية في الأسلحة، وبإشارة غير مباشرة لتحريم تلك الأفعال كما جاء في نص الحديث الشريف للنبي محمد (صلى الله عليه وآله) إذ قال فيه ان( من أشار إلى أخيه بحديدة، فان الملائكة تلعنه، وان كان أخاه لأبيه وأمه)، إذ لا يجيز الدين الإسلامي ويحرم رفع السلاح في وجه الإنسان سواء بالجد أم المزح ، كما وتتفق معظم الرسالات السماوية مع وجهة النظر هذه. وهي ظاهرة غير مقبولة وفقاً للمعايير الأخلاقية لما تتسبب به الاستخدامات العبثية التي ذكرنا أبرزها في هذا البحث من رعب للناس وخصوصاً النساء والأطفال، لذلك عمدنا إلى تقسيم هذا المحور إلى صنفين يتعلق الأول بالقوات المسلحة في حين ركز الثاني على المدنيين، وهذه الوسائل هي بمثابة مقترحات من الممكن ان تساهم في صناعة تشريع يكبح من هذه الظاهرة ويحد منها، وفي أدناه أقسام هذا المحور:
أولا: فيما يتعلق بمنتسبي القوات المسلحة؛ وتتضمن المقترحات الآتية:
1. تشديد العقوبة على منتسب القوات المسلحة الذي يطلق الأعيرة النارية تعبيرا عن مناسبة خاصة او عامة بغض النظر عن طبيعة تلك المناسبة فرح ام حزن او يستخدمها في شجارات شخصية وان كان بغرض التهديد والتخويف وهو خارج الخدمة بان تصل العقوبة الى الفصل من الخدمة.
2. تحديد سقف لاستيراد الأسلحة النارية(الصغيرة الخفيفة) بما يتناسب مع عدد القوات المسلحة بالإضافة إلى الاحتياط بحيث يكون هناك إحصائيات دقيقة لعددها، فلسنا في حالة حرب لتكديس السلاح بلا ضوابط.
3. في حالة تأدية الواجب العسكري لابد ان توجه الأسلحة بيد المنتسبين بطريقة صحيحة ووفقا للقواعد العسكرية ومحاسبة المخالف لتلك القواعد.
4. توجيه منتسب القوات المسلحة ان المعالجات للخرق الأمني التي يتعرض لها البلد لابد ان تكون بطريقة لاتؤدي إلى ضرر بالناس الأبرياء فمن الأخطاء الجسيمة التي ترتكب هو ان الاشتباك مع العناصر الإرهابية أو المجرمين في ظل وجود جمهرة من الناس؛ لطالما يكون الضحية فيها المدنيين.
5. حصر حمل السلاح على التشكيلات العسكرية المعنية بفرض الأمن، فحاليا جميع تشكيلات وزارة الداخلية تحمل السلام حتى شرطة المرور وتطبق هذه النقطة في حالة استتباب الوضع الأمني بشكل كامل وحسب ظرف كل منطقة ووضعها الأمني.
ثانيا: فيما يتعلق بالمدنيين؛ وتتضمن المقترحات الآتيـة:
1. زيادة العقوبة لمن يرفع السلاح إثناء الشجارات فيما بين المدنين حتى ولو كان بقصد التهديد والإخافة وليس بصد القتل وذلك بجعلها جريمة تؤدي بصاحبها إلى السجن لفترة زمنية تكون رادعة لتلك الظواهر السلبية فيكون السجن على هذه الجريمة حقا عاما حتى بعد تصالح المتشاجرين.
2. تحديد نوعية الأسلحة المسموح بها للصيد شرط ان من يحملها له خبرة في ذلك وان يمارس الصيد هوية كان أم مهنة خارج المدن المأهولة.
3. تخصيص فقرات تربوية لإرشاد الطلاب في مدارس البنين من مراحل المتوسطة والإعدادية (فئة المراهقين) على المخاطر التي تتسبب بها تلك الاسحلة وتثقيفهم على عدم استخدامها للهو وغير ذلك من المظاهر السلبية المذكورة أعلاه، لينشأ لدينا جيل لايؤمن بالسلاح ولا يرغب فيه، فالتجارب التي مرت بالعراق أثبتت ان السلاح في العراق لأخير فيه إلا لحماية البلد من العدوان الخارجي والدفاع عنه.
4. ان من أهم ما يمكن ان يساعد على نبذ ثقافة العنف في العصر الحاضر هو الإعلام الذي أصبح من مفاصل الحياة الضرورية، فعلى المؤسسات الحكومية المسؤولة على ترخيص وسائل الإعلام، ان تشترط على الفضائيات الراغبة بفتح مكاتب لها في العراق ان تخصص برامج لرصد هذا النوع من السلبيات في المجتمع العراقي والتوعية بمضارها وإضرارها الجسيمة على الأرواح والممتلكات فضلا عن البيئة، وهذه النقطة تجعل من الوجود الإعلامي في العراق امراً هادفاً.
5. فتح مراكز للرماية لمن يحب هذه الهوية ترويحا عن نفس ولا يتم حصرها على العسكريين فقط فأحياناً قد تتحول بعض تلك الأدوات إلى رغبات تثير فضول الكثير من الشباب والناس وهذه طريقة قد تساعد في حصر رمي العيارات النارية في أماكن أمينة لا تتسبب بضرر، على ان تكون تلك المراكز مملوكة للدولة وهذا جانب قد يعود للدولة بفوائد مادية من قبل المشتركين في هذه المراكز، علماً ان هناك دول لديها هكذا نوع من المراكز اذ اصبحت الرماية احد الألعاب الرياضية السائدة في العالم.