2014-5-12
View :1104

ضمن دعاء الإمام السجاد (عليه السلام) في الاستعاذة من الشيطان، يقول في مقطع من دعائه: (اللهم صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ خاتَمِ النَّبِيِّينَ وَسَيِّدِ المُرْسَلينَ وَعَلى أهْل بَيْتِهِ الطَّيِّبينَ الطّاهِرينَ، وَأعِذْنا وَأهالِيَنا وَإخْوانَنا وَجَمِيعَ المُؤْمِنينَ وَالمُؤْمناتِ مِمَّا اسْتَعَذْنا مِنْهُ؛ وَأجِرْنا مِمَّا اسْتَجَرْنا بِكَ مِنْ خَوْفِهِ؛ وَاسْمَعْ لَنا ما دَعَوْنا بِهِ؛ وَاعْطِنا ما أغْفَلْناهُ؛ وَاحْفَظْ لَنا ما نَسيناهُ، وَصَيِّرْنا بِذلِكَ في درجات الصالحين ومراتب المؤمنين آمين رب العالمين).





 





هناك ادب في الدعاء يساعد على استجابته، وهذا الادب يتلخّص في ثلاثة محاور:





المحور الاول: هو تمجيد الله سبحانه وتعالى قبل البدء بطلب الحاجة.





المحور الثاني: هو استفتاح الدعاء بالصلاة على محمد وآل محمد.





المحور الثالث: هو طلب الحاجة وفق الشرائط التي تُذكر.





وهذا الدعاء بدئ ايضاً بمقاطع من هذا القبيل، حيث يقول الامام السجاد (عليه السلام) في بداية الدعاء: (اللهم انا نعوذ بك من نزغات الشيطان)، والاستعاذة نحو من الركون الى الله تبارك وتعالى والاطمئنان بما عنده، ثم ذكر الامام الصلاة على النبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) واله الطيبين الطاهرين ثم بدأ بطلب هذه الحاجة المهمة.





وهنا نجد ان الانسان يعيش في مجتمع وفيه من الاقارب والاصدقاء والجيران والانسان يبحث في هذه العِشرة عما يلائمه، الادعية الشريفة تحاول ان تجعل الرابطة ما بينك وبين الاخرين دائماً موجودة، وصلة الانسان بالآخرين غالباً ما تؤدي الى نتائج جيدة طبعاً مع الالتفات.





إن الشارع المقدس يجعل دائماً هذه الاربطة والوشائج موجودة، ويستغل الانسان كل مناسبة من اجل ان يبقي هذه العلاقات والروابط لماذا؟ لأن واقعاً في الدنيا فيها هدف والانسان دائماً يحب ان يشعر بالارتياح وعدم التشنج وعدم الاحساس بالمظلومية والاحتقار وعدم تأنيب الضمير في حال هو يظلم احدا وهذه العلاقات والوشائج تعطي صورة طيبة للإنسان عن حقيقة الامر افضل مما يسمع من هنا وهناك وقد يتخذ موقفاً وهذا الموقف يكلّفه غالياً في الدنيا والاخرة.





وبعد ان بين الامام (عليه السلام) خطورة هذا المخلوق وهو الشيطان لم يكتفِ بأن يحصّن نفسه فقط وانما حاول ان يشرك الآخرين في ذلك ولذا الامام (عليه السلام) بدأ بالدعاء بعبارة (اللهم إنا نعوذ بك) وفي نهاية الدعاء قال (عليه السلام): (وَأعِذْنا وَأهالِيَنا وَإخْوانَنا وَجَمِيعَ المُؤْمِنينَ وَالمُؤْمناتِ مِمَّا اسْتَعَذْنا مِنْهُ) وهذا حقيقة شعور بالمسؤولية تجاه الاخرين.





نحن واقعاً نحتاج ان نُصاغ صياغة جديدة وفق تربية اهل البيت (عليهم السلام) وهذه الصياغة ليست عسيرة لكن تحتاج الى ارادة جديّة والمقصود من هذه الصياغة ان كيف انظر الى الاخرين وكيف اتعامل مع المحيط الذي انا فيه .. نحنُ خُلقنا ولم نُخلق جزافاً، وانما اُعطينا البرنامج الشخصي الخاص والعام كيف نتصرف في هذه الدنيا وكيف نخرج.. اما الانسان لا يكترث بكل شيء ويدعي هو على خير ويفهم لا يمكن قطعاً سيرتطم بمشاكل شرعية هائلة وهو لا يفهمها ولا يحسن ان يخرج منها.





وعندما اشعر انني لست وحدي وعندما ادعو لأخي في ظهر الغيب فهذا بالنتيجة جزء من الحسنات التي ترجع اليّ وعندما ارى ان اخي وصديقي هو مشروع من مشاريعي نحو الاخرة اذا دافعت عنه واحسنت اليه ولم اغتبه .. على الانسان ان يتعامل مع الاخرين وفق هذه المباني.





وعندما نصل الى فقرة الإعاذة اللهم انا نتوسل بك ونعوذ بك، فالاعاذة تدل على ان الجهة التي نعوذ بها جهة ذات مِنعة وقادرة على ان تعيذني، والاعاذة ممن لابد من وجود عدو وشِباك وصائد يريد ان يصطادني وانا اركض واركض ولابد ان اعوذ بشيء، فأعوذ بالله تعالى من شر الشيطان، وهنا أشرك الإمام (عليه السلام) في هذا الدعاء الاخوة والمؤمنين والجيران وكل المؤمنين عرفتهم ام لم تعرفهم ما دام هذا الانسان في قلبه محبة لله تعالى ولرسوله اشركه في الدعاء.



ثم قال (عليه السلام) : (وَأجِرْنا مِمَّا اسْتَجَرْنا بِكَ مِنْ خَوْفِهِ)، فالإمام (عليه السلام) احبّ للاخرين ودعا نيابة عنهم، والان متعارف عندما يقول احد لآخر اسألك الدعاء وهي كلمة جميلة جداً لكن الذي يُسأل لابد ان يُنفذ وفعلا ً لابد ان تدعو لهذا الذي سألك الدعاء، من حق المؤمن لأخيه المؤمن ان يكثر من الدعاء له بظهر الغيب.                                             





  • مستقاةٌ من الخطبة الاولى لصلاة الجمعة بإمامة السيد احمد الصافي في 26/جمادي الاول/1435هـ الموافق 28/3/2014م