2014-5-12
View :403

كنا واياكم ايها الاخوة في الدعاء السابع عشر في الصحيفة السجادية الكاملة المباركة ، الذي كان يتناول بشكل دقيق العلاقة ما بيننا وبين عدوه وهو ابليس وكيفية الحذر والوقاية منه باعتباره هو العدو الاول وبقية الاعداء يتفرعون منه بل قلنا من خلال الدعاء ان وظيفته الاساسية هي الإغواء وهذه الوظيفة هو لا يكل ولا يملّ منها ويبقى دائماً يلاحقنا حتى يحقق امنيته لا قدّر الله تعالى.



وفي خاتمة هذا الدعاء يقول الامام السجاد (عليه السلام): (واسمع لنا ما دعونا به واعطنا ما اغفلناه واحفظ لنا ما نسيناه وصيرنا بذلك في درجات الصالحين ومراتب المؤمنين آمين رب العالمين).



ففي قوله: (واسمع لنا ما دعونا به)، ليس كل دعاء قد يأتي بنتيجته لكن لابد ان يكون المؤمن دعّاءً أي كثير الدعاء كما ورد في الروايات وهذا الدعاء الذي يصعد الى السماء يحتاج ان يصل بلا ان يوقفه حجاب وبلا ان يوقفه عمل من الاعمال التي قد يرتكبها الانسان وهو يعتقد جهلا ً منه بأن ذلك لا يؤثر، فمثلاً اكل المال الحرام حيث أن الإنسان يأكل المال الحرام ولا يحتاط ولا يتثبت وانما يأكل الاموال الحرام من أي جهة كانت ليس المهم ذلك عنده المهم ان يزداد رصيده المادي وان الارقام المالية ترتفع، وهذا بلا شك يؤثر على استجابة الدعاء.



إن لله تعالى موازين في اجابة الدعاء وهي تحتاج الى عناية من الداعي، حيث ان الانسان يهيئ نفسه للقاء الله تعالى ويخاطبه في الدعاء وهذا الدعاء بحاجة ان يكون مهيأ حتى يُسمع، فقد ورد في بعض الادعية اللهم اني اعوذ بك من دعاء لا يُسمع، حيث أن الانسان قد يدعو لكنه مجرّد لقلقة لسان، يدعو وذهنه منشغل وهو يأكل المال الحرام ومن اظلم الظالمين، فلاشك ان هذا الدعاء لا يُسمع، والدعاء ليست كلمات تُقال وانما عبارة عن استعداد، ففي شهر رمضان المبارك الناس عادة تتهيأ له والذي يميز هذا الشهر الفضيل بالاضافة الى فضائله نقطتان مهمتان قراءة القرآن والدعاء.



والامام (عليه السلام) يقول: استجب يا الهي ما دعوناه ومعنى (واسمع) قطعاً أن الله سبحانه وتعالى يسمع كل شيء حتى ادعيتنا لكن قلنا لا تؤثر بسبب الحجاب منّا، والله تعالى لا يحتجب عنا فنحن نحجب انفسنا عن رحمته وعن اجابة الدعاء.



ثم قال (عليه السلام): (واعطنا ما اغفلناه واحفظ لنا ما نسيناه)، فقطعاً نحن نغفل وننسى، وعندما يتهيأ الانسان للدعاء وان يقف بين يدي الله تبارك وتعالى يكون مستعداً لكن قد يغفل عن بعض الاشياء وهي ضرورية وقد ينسى بعض الاشياء، وهو يريد ان يتدارك هذا النقص الحاصل من الغفلة او من النسيان، والإمام السجاد (عليه السلام) هنا يدعو بالأجمال ان أي شيء غفلنا عنه وهو في علمك ينفعنا واي شيء نسيناه وهو في علمك في مصلحتنا يا الهي اعطنا ذلك فإنه لا توقف في رحمتك ولا حرج في سعة رحمتك ولا مقدار لعطائك وكرمك.



اذن الله تبارك وتعالى يعطي وكرمه واسع ورحمته اوسع من غضبه بل هي وسعت كل شيء، وهذه سعة الرحمة تستوجب منّا ان ندعو الله تعالى ان يعطينا ما اردناه لكنّنا غفلنا ونسينا.



ثم يقول (عليه السلام): (وصيّرنا بذلك في درجات الصالحين ومراتب المؤمنين آمين رب العالمين)، ان هناك تفاوتاً في الذهن في استعمال العقل، وتفاوتاً في العبادة ينتج تفاوتاً في مقامات الناس يوم القيامة، وهناك درجات ومراتب ولاشك ان مراتب الصالحين والمؤمنين هي من المراتب العالية، وعندما نقول: ان هذا الرجل عبد صالح بمعنى انه تحلّى بجميع الاوصاف التي تزيّنه فأصبح صالحاً، فعنده طاعة وسخاء وكرم وشجاعة وعنده عبادة وعنده اعتقاد جيد وقوي وعنده ثقة بالله تبارك وتعالى.



وقوله: (صيّرنا في درجات الصالحين) أي اجعلنا يا إلهي في درجات الصالحين اما تفضلا منك يا إلهي ونحن لا نستحق ونحن لسنا منهم او تفضلاً منك أن تجعلنا صالحين فنستحق الدرجة التي هم فيها، وهنا نبين أننا لابد ان يكون رجاؤنا بالله تعالى غير محدود لأن الرحمة الالهية غير محدودة وإن الانسان يعمل ويرجو من الله تعالى رجاءً كبيراً، وعلى الانسان عندما يكون مؤمناً لابدّ ان يلاحظ منافذ الخير الى الله تبارك وتعالى، فاجعلنا يا الهي في مراتب المؤمنين والصالحين واجعلنا في هذه المرتبة بعد ان طردنا الشيطان وتوجهنا وانتبهنا حتى لا يأخذ منا الشيطان اكثر مما أخذ.





  • مستقاةٌ من الخُطبة الاولى لصلاة الجُمعة بإمامة السيد احمد الصافي  في 11/جمادي الاخر /1435هـ الموافق 11/4/2014م