2014-5-12
View :1034




عشنا مع بداية شهر رجب الأصب، ذكرى ولادة الإمام علي الهادي (عليه السلام)، هذه الذكرى التي ملأت أفئدتنا سروراً وبهجةً ونحن نستذكر المواقف المشرفة لهذا الإمام العظيم وما قدمه من تضحيات للرسالة الإسلامية.



وما نودّ الإشارة إليه أن من سمات عصر الإمام الهادي (عليه السلام) اقتراب عصر الغيبة لخاتم الاوصياء الامام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف) ومن المعلوم ان الغيبة للمعصوم فيها تحديات ومخاطر على مسار الجماعة المؤمنين والمسار الفكري للمذهب باعتبار ان الغيبة انقطاع فردي او جماعي للامة عن المعصوم (عليه السلام).



وقد بدأ الامام الهادي (عليه السلام) جهوده باعداد الشيعة نفسياً وعقائدياً لترسيخ فكرة الغيبة والتعامل معها التعامل الصحيح كواقع من خلال امرين:



أولاً: التأسيس لنظام الوكلاء ليكونوا واسطة بينه وبين الشيعة حيث اخذ الإمام الهادي يعوِّد شيعته على الاحتجاب والارتباط بهم من خلال وكلائه ونوابه، لكي لا يفاجؤوا بوضع مستقبلي لم يألفوه وهو غياب الامام (عليه السلام) فيشكل ذلك صدمة لهم يتحيرون في التعامل الصحيح معها، حيث قام (عليه السلام) بالتخطيط المستقبلي لفترة الغيبة منذ توليه الامامة من خلال اختيار مجموعة من ثقاة اصحابه بمن عرفوا بالوثاقة والعلم والزهد والتقوى والورع فأخذ يرعاهم ويعتني بتربيتهم وتعليمهم ليكونوا القدوة الصالحة والواسطة بينه وبين شيعته.



وكل ذلك من اجل التأسيس لنظام الوكلاء ولغايتين:



1. مرحلية: تتمثل في معالجة النتائج الحاصلة من الحصار السياسي والتضييق عليه وعلى اتباعه في الاتصال بهم وتوجيههم فكان اختيار هؤلاء الوكلاء ليقوموا بمهمة ايصال هذه التوجيهات والفتاوى والقيام بالشؤون الدينية المختلفة لاتباع اهل البيت بعد انتشار التشيع في دول كثيرة.



2. تقبّل الامة لفكرة الغيبة وتوقي الصدمة النفسية الحاصلة منها بوجود مجموعة من الفقهاء الامناء ممن يحملون مهام النيابة عن الامام ويملؤون الفراغ بسبب غيبة الامام (عليه السلام) وتعويدهم على هذا النظام (الوكلاء ثم الفقهاء والنواب) لئلا يفاجؤوا بالغيبة وتصدمهم معنوياً وعقائدياً بحيث يختل كيانهم ويتضعضع، وبالتالي تعويدهم على قبول قيادة العلماء للامة من بعد غيبة الامام.



بدأ العمل بالتأسيس لنظام الوكلاء منذ عصر الامام الصادق (عليه السلام) وبصورة واضحة حيث امر الامام اصحابه بالرجوع الى هؤلاء الوكلاء واظهر ثقته بهم ومدحهم واثنى عليهم،



ومن الجدير ذكره، أن الإمام الهادي (عليه السلام) مؤسس نظام الوكالة التي حفظ بها شريعة جدّه رسول الله (صلى الله عليه وآله) وإن كان هنالك من سبقه من الأئمة المعصومين ولكنه وضع المفهوم الواضح لها، ولولا الوكالة لما انتشر المذهب الشيعي واتصل الامام الهادي بشيعته، حيث أن الوكالة هي همزة الوصل بين الإمام وشيعته، وخصوصاً في الظروف السياسية الصعبة وتضييق الخناق على محبي أهل البيت (عليهم السلام) وأهمية هذا النظام (المتطور) في إيصال الرسالة الإسلامية إلى الآخرين.



وكان ارتباط هؤلاء بالإمام  (عليه السلام)  يتم غالباً من خلال كتب يرسلونها إليه مع من يوثق به، ووكان من وكلاء الإمام الهادي  (عليه السلام) علي بن جعفر الوكيل، وقد سُعي به إلى المتوكل فقبض عليه وحبس، وقضى فترة طويلة في السجن، وإبراهيم بن محمد الهمداني وغيرهم.



ومع اقتراب عصر الغيبة لابد من تهيئة علماء ثقاة امناء على دين الله يحملون التراث العلمي لأهل البيت (عليهم السلام) ليمارسوا مهام القيادة الدينية ويعملوا على تحصين الجماعة المؤمنة وتربيتها حتى تستمر في مسيرتها الرسالية.



ثانياً: تكريم العلماء وحث المؤمنين على تكريمهم والاهتمام بهم والاستماع والرجوع إليهم في أمور دنياهم، وهذا ما يؤكد على دور العلماء العظام في نشر الدين الإسلامي والمحافظة عليه وربط الناس بعلمائهم.



ومن تراث الامام الهادي (عليه السلام) ومن جملة ما أكد عليه الامام لشيعته زيارة اهل البيت (عليهم السلام) كالزيارة الجامعة الكبيرة التي علمها لأحد اصحابه وتضمنت: (بيان مكانة اهل البيت عند الله تعالى وانه اختصهم بالمنزلة العظيمة وموضع الرسالة، وان هذا الاصطفاء الالهي نابع من الصفات الكمالية لهم كالعلم والحلم والكرم والرحمة) فضلاً عن زيارة الغدير.


 



  • مستقاةٌ من الخطبة الاولى لصلاة الجمعة بإمامة الشيخ عبد المهدي الكربلائي في 2/رجب/1435هـ الموافق 2/5/2014 م