2014-5-12
View :566

حيدر عاشور العبيدي


 



لم يستعجل الفرح ،يعرف إن أفراحهم أحزانا، ويسمع منذ أن واشجت روحه منابر الإرشاد، خفايا هذا الفرح المبطن بالحزن ،ويتساءل ويبحث ويتخيل حتى هام في ملكوت حبهم تاركا السمع ،حافرا عيونه في ما تبقى من مصادر الثقات وهو ينحت الحب والعشق معادلات ما بين الفرح والحزن ،فتتسامى الكلمات ويخطف ذاكرته شعاع مّستل من السكون ليكون مشروع كلام.



فرسم أول استبيان ليقظتة المنفحة على خبايا الكون، إن رجلا مثله أكدت النبوة تنبؤها منذ أن ولد... قد قبل من النحر  بشفاه سيد الخلق... في أول يوم له امتزجت دموع الرسالة المنسكبة على وجه لتعلن الحزن بقلب الفرح وزرعت على محياه مستقبل دين الله.



فرح العالم لولادته وحزن الملكوت الأعلى عليه، فقد ولد ليصرع ويذبح  ويولد من جديد، هاجته طفولته انهارا من الذكريات ما معنى أن تبكي وأنت في قمة الفرح..؟ ليبدأ في داخله نزيف هادئ،ليكشف عن نار سريرته شطحات راسخة في الثبات، والنداء قائماً منفردا لنهار السرد يفكك دائرة العذاب الليلية، ليباغت هذا الطفل المتمرد على عتبات الواهمين الغارقين في اناواتهم المريضة .



يقف أمام شموخ عظمته يقلب صفحات قلبه ،ويحتفل بهدوء بمولد نبؤة النبوة ،ليكتفي بالعين ،وخبز الحروف ،وسقف الدمع... تباغته الطلاسم من كل الجهات،وذاك الصوت وتلك الصورة المنقوشة في ذاكرته فيردد عفويا تحت فضاء قبته (اللهم أخرجني من ظلمات الوهم)... يبدأ باحتفال البكاء كطفل مرعوب تغرقه دهاليز عتمة ذكريات الطفولة الموجعة،وقسوة التربية وتلون الخلق حسب رغبات الروح ومطامع الحياة... الجميع واعظون يتسلطون على الجسد ويقسون في أضدادهم ويكابرون في عباداتهم، وهم في قمة الخيانة...تلاطمت أفكاره واخذ يتأرجح بين العيد وبين الموت،ويحرق الكف قوانين استعادت هدمها وجربت الضوء في ارض العزة والشهادة والتضحية ،ويطوف حول دم طالت هجرته، وهذا الكشف من أعظم آيات حدسه وأذكى أمارات فطرته،وكانت تجربة دينه، يوم ولادة صديق العالمين في السموات والأرضيين.



تفتحت أسارير رغباته وعقد اتفاق مع صديق وسيده ليكونا شريكي فصل الحلم،معتصما بين أجنحة فضاءاته ،مرددا (اللهم أكرمني بنور الفهم) بعد أن هدم الماضي ورافق رجة ترتاح في هتك البلاغة وانكسار المخزون اللغوي،بعناوين مختلفة وخيانات شتى... فافرغ أمسه في يومه  ليهدي أيامه الباقية لروح شريك فصل الحلم ،نابعة من ذاته المتفاعلة مع ما حولها والتي تملأ عالمه فهما جديدا وبصيرة وسلطانا ليكشف أسراره ويسبر غوره ،وجعله المعيار لكل عمليات تطوره،وامن إن الولاء لسيده يقين وجوده،كاتبا على نفسه أن يبحث في أسرار علمه راجيا خالقه:( اللهم افتح علي خزائن علمك).



جثى على ركبتيه يبحر في جمال الضريح وهو يتلألأ ضياء وبهاء: لك العزة أيتها الأرض الذي يسكنك الخالد من آل بيت صلى الله وملائكته  عليهم ،وأنت تطوفين على صدري بوشاح العشق حاملا صوتي اليك سارية هامت زمنا حتى وجدت باب الجنة على أعتاب ساكنك من الطاهرين.