2014-6-14
View :5197

 


من يخوض غمار التأليف لابد له من ان تكون مؤلفاته مؤثرة في الوسط الذي ينشر فيه كتاباته وللكتابة عدة مجالات والاهم للفكر الامامي هو توضيح المبهم ورد الشبهة ، وهذان المجالان ابدع فيهما السيد علي الشهرستاني في التاليف والبحث عن المعلومة المطلوبة بغية كشف المبهم ورد الشبهة وكان لمجلة «الاحرار» هذا اللقاء في مكتبه في مركز ال البيت العالمي في مشهد المقدسة .


س/ من هو السيد علي الشهرستاني ؟
ج/ هو علي بن عبد الرضا بن زين العابدين بن محمد حسين الشهرستاني، وُلد في كربلاء من عائلة دينية علمية عريقة من جهة الام بنت السيد محمد طه البحراني من اعلام كربلاء ،ومن جهة الاب السيد عبد الرضا الشهرستاني وهو الآخر من علماء كربلاء .
ولدت في عام 1958م ، في كربلاء ، دخلت الحوزة العلمية وانا في عمر 14 عاما ومارست عملي العلمي الحوزوي ..
س/ منهجية التأليف هل تبحث عن المصادر التي تخص الموضوع فقط ، ام تأتي بشيء جديد ام تبحث بمجالات اخرى لم يبحث بها الاخرون ؟
ج/ اكتب عن مجالات لم يكتب فيها الاخرون، فاكتب ما يخدم في مجال العقيدة.
س/ يعني اكثرية بحوثك يمكن ان نقول انها عن الامور الخلافية والتاريخية، وبالفترة الاخيرة راينا لك بحثاً قيما عن القرآن الكريم عن ماذا تمخضّ ؟
ج/ بدأت في الاجابة عن اسئلة مسألة جمع القرآن وما تمخض عنه من رؤية جديدة، بمعنى ان ما يقولونه في قضية جمع القرآن بانه جُمِعَ بيد غير المعصوم وهذه طامة كبرى لأن القرآن المعصوم لا يمكن ان يُجمع إلا بيد معصوم، اما ما يقولونه بأنه جُمِعَ بيد الخلفاء وهم يعتقدون ان هؤلاء ليسوا بمعصومين فما معناه انهم قد يمكن ان يخطئوا في جمعهم، فلو جمعنا هذه مع ما جاء في كتبهم بوجود تحريف في القرآن فهذه توصلنا الى هاوية .. فالمسألة يجب ان تُبحث وتُدرس بشكل علمي اصيل هناك عقلاء الامة بمجموعتين:
المجموعة الاولى: الآية التي تقول : (وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنزِيلاً (106) – سورة الاسراء- ) يعني التواتر واشتهار القران عن الامة هي التي منعت التحريف في القرآن.
والثانية هو وجود المعصوم فهو الذي حافظ على القران واوصل المركبة الى شاطئ الامان بأمان.. فالقرآن لم يحرّف
اما عن ترتيب القرآن واختلافه .. عموماً مسألة ما يقولونه عن الشيعة بان قرآنهم يختلف عن قرآن باقي المسلمين، فإن التحريف لا يقول به علماء الشيعة بل الكثير من علماء الشيعة يؤكدون بأن هذا القرآن هو قرآن المسلمين .. فالشيخ الصدوق المتوفى في عام 381هـ يمكنكم ان ترووا كلامه في كتاب اعتقادات الامامية، والشيخ المفيد المتوفى في 413هـ في اوائل المقالات، والسيد المرتضى المتوفى في 436 هـ في المسائل الطرابلسيات والعلامة الحلّي المتوفى سنة 726هـ في اجوبة المسائل المهنائية، إذن الائمة يؤكدون على عدم تحريف القرآن ويلزموننا بالقراءة بهذا القرآن الموجود عندنا.
س/ كيف نقرأ مصحف الامام علي (عليه السلام)؟
ج/ ممكن ان تسألوا هذه الإشكالية كيف وردتنا ووصلتنا وكيف خُلِقت هذه الإشكالية؟
المهم الموجود على الألسن والمشتهر بين الاعلام بان القرآن الكريم نزلَ على مرحلتين:
المرحلة الاولى : نزوله الدفعي أي جملة واحدة من اللوح المحفوظ الى البيت المعمور او الى بيت العزة في سماء الدنيا او كما يقال على صدر النبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) جملة واحدة.. فيستدل بآيات كثيرة (انا انزلناه في ليلة القدر) وقوله تعالى (انا انزلناه في ليلة مباركة) فهذا يؤكد على وجود النزول الدفعي.
وهناك مرحلة النزول التدريجي على ما قضت به حاجة الباري عز وجل وفق الاحداث والمبررات، لأنه جل وعلا حينما انزل القرآن جملة واحدة ثم فرّق تنزيله سورة سورة وفق حكمة الهية .. وهناك آيات تبين النزول التدريجي (لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (16) سورة القيامة-) ، (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلاَّ بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ (21) سورة الحجر)، هذا النزول الدفعي والتدريجي ترتيبه يختلف وليس النص فالنص يكون نصا واحدا
وهناك من علماء اهل السُنّة يؤكدون بأن هناك ترتيبين: ترتيب بقرآن التلاوة وترتيب بطبيعة النزول.. منهم البغوي في شرح السنّة والزركشي يقول في البرهان المجلد الاول ص336: فثبت ان سعي الصحابة كان في جمعه في موضع واحد لا في ترتيبه فإن القرآن مكتوب في اللوح المحفوظ على هذا الترتيب الذي هو في مصحفنا الآن انزله الله تعالى جملة واحدة في شهر رمضان ليلة القدر الى السماء الدنيا ثم كان ينزله مفرقاً على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) مدة حياته عند الحاجة وحدوث ما يشاء الله عزوجل فترتيب النزول غير ترتيب التلاوة وكان هذا الاتفاق من الصحابة سبباً لبقاء القرآن في الامة رحمة من الله عزوجل لعباده وتسهيلا ً وتحققاً لوعده لحفظه كما قال تعالى : (إنّا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون).بالنسبة لمصحف الامام علي (عليه السلام) هناك نصوص كثيرة تؤكد على هذه المسألة منها ما ورد في كتاب سليم المتوفى 67هـ ، وهناك نص للصفّار في بصائر الدرجات والعياشي 320 وتفسير فرات الكوفي 325هـ ورواية في الكليني 329هـ وهذه كلها تؤكد في القرون الاولى وجود مصحف للامام علي (عليه السلام)ونفس اخبار هذا المصحف موجودة في كتب الجمهور في عدة مصادر منها :
الصنعاني في مصنّف عبد الرزاق المجلد الخامس ص450 ح9765 يقول بسنده عن عكرمة : قال لما بويع لأبي بكر تخلّف عليّ في بيته فلقيه عمر فقال : تخلفت عن بيعة ابي بكر فقال : اني آليت الجميع حتى حين قُبض رسول الله ان لا ارتدي رداء الى الصلاة المبتورة حتى اجمع القرآن فاني خشيت ان ينفلت القرآن.
وفي الطبقات لابن سعد ص383 ، وابن ابي شيبة المتوفى 235هـ وفي المصنّف المجلد السادس ص148 ح20230 ، والبلاذري في انساب الاشراف المجلد الثاني ص268 ح1184وفي المجلد الثاني ص269 ح1187، ابو نعيم في حلّة الاولياء المجلد الاول ص167،وابن عبد البر المتوفى 463 في الاستذكار المجلد الثاني ص485.. والكثير من المصادر الاخرى..
اذن وجود مصحف الامام علي (عليه السلام) موجود ومتفق عليه في جميع مصادر السنّة والشيعة..
هذا المصحف الموجود هناك في بعض الروايات سنّة وشيعة بإن الامام عليا (عليه السلام) جمعها في 3 ايام او في 7 ايام او في 9 ايام وبعضها في 6 اشهر .. فقضية اصل المصحف موجود والآن علينا ان نجمع بين هذه النصوص فعلينا ان نقوم بطريقة جمع عقلائي عرفي ..
نقول بأن الامام عليا (عليه السلام) جمع القرآن المُنزل وهو الذي جمعه في 3 ايام او 7 ايام او 9 ايام.. اما المصحف المفسّر جمعه في 6 أشهر لأن ذلك يحتاج وقتا للناسخ والمنسوخ وبه شأن النزول والمحكم والمتشابه واسماء المؤمنين والمنافقين واسباب النزول وغيرها.. فيمكننا ان نقول بهذا الشيء..
نحن نعلم بأن هناك روايات كثيرة بأن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في آخر حياته قال: (يوشك ان ادعى بان جبرائيل.....) فهذه لقاءات النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ومسألة العرضة ما السر في قضية العرضة ؟
مسألة العرضة ما الفائدة ..اذا كانت الاية (سنقرئك فلا تنسى) فما الفائدة من هذه العرضات؟
يمكن ان نقول بان الفائدة في هذه العرضات هي فائدة جوهرية مهمة لأن الاخرين يقولون ان القرآن جُمِعَ بشاهدين فهذه إشكالية كبيرة..القرآن المتواتر والذي كان الناس تقرؤه في ليلهم ونهارهم..فكيف تريد ان تجمعه مرّة اخرى بشاهدين وهو متواتر.. ان هذه المنهجية الخاطئة كادت ان توصلنا وتوقعنا في المهلكة ولولا معرفة الامّة بهذا القرآن لوقع التحريف..
فإذن اللقاء الثنائي بين جبريل الأمين والصادق الامين في كل عام كان هو الذي يوّثق ويرتب ويؤكد عظمة هذا القرآن وعند ذلك كان ايضاً النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يعرض القرآن على جبرئيل واذا خرج وافق القرآن التلاوة كان يقرؤه ..
فالنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كان في كل عام يجمع ما ينزل عليه من الآيات اذ كان عنده كُتّاب الوحي ..حتى قيل ان الحمزة كان عنده مصحف وقيل ان عبدالله بن عمرو بن العاص.. وان فلانا كان عنده مصحف وآخرين وقيل ان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال من قرأ في المصحف له اجر كذا .. فالمصحف يمكن ان نطلقه على الجزء .. فاذن ممكن ان نطلق على هذا المجموع الذي عند عبدالله بن عمرو بن العاص بالقرآن.. في حين ان القرآن لم يجمع تماماً ..
فالامام علي (عليه السلام) هذا المحتفظ المجموع الذي رتبّه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وجمعه جمعاً اولياً في لقاء ثنائي بين جبريل.. فاذا كان شاهدان فهؤلاء هم الشاهدان.. جبريل الامين والصادق الامين وبإقرار رب العالمين.. فهذا القرآن له قيمته وليس القرآن الذي انت تقوله بشاهدين لم تعرف من هما..
حتى بعد ذلك جاء ابن حجر وقال الشاهدان احدهما الكتابة والاخر الحفظ..
هذا القرآن قرآن جميع المسلمين وليس مصحف عثمان يقرأ به محب عثمان ومخالف عثمان ويقرأ فيه الشيعي كما يقرأ فيه الخارجي فاذن هذا هو قرآن جميع المسلمين..
العلامة الطباطبائي يقول في الميزان المجلد الثاني عشر ص108: وكذا الروايات الواردة عن امير المؤمنين (عليه السلام) وسائر الائمة من ذريته (عليهم السلام) في ان ما بايدي الناس من قران نازل من عند الله وان كان من غير ما ألّفه علي (عليه السلام) من المصحف ولم يشركوه (عليه السلام) في التاليف في زمن الخلفاء الثلاثة ومن هذا الباب قولهم لشيعتهم : اقراوا كما قرا الناس ومقتضى هذه الروايات ان لو كان القرآن الدائر بين الناس مخالفا لما الفه علي (عليه السلام) في شيء فانما يخالفه في ترتيب السور او في ترتيب بعض الايات التى لا يؤثر اختلال ترتيبها في مدلولها شيئا ولا في الاوصاف التى وصف الله سبحانه بها القرآن النازل من عنده ما يختل به آثارها.
الان تلخّص من كل بياننا بان الامام عليا (عليه السلام) عنده تسختان من المصحف نسخة قرآن مجرد ومنزل من عند الله تعالى وهو الذي يقرؤه الناس ويقرؤه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في صلاته وكما نقرؤه الان..وهناك قرآن آخر مفسّر مع شرحه والتأويل والتفسير .. فهذا الذي قدمّه للحكام والحكّام لم يريدوا ان يتعرف الآخرون عليه فتركوه وقالوا له اتركه لا حاجة لنا فيه ..
فإذن المصحف مع التفسير غير المصحف المجرّد..
والسيد الخوئي في كتابه يدافع عن الخلفاء الثلاثة ويقول ما يُقال بان هؤلاء حرّفوا في القرآن هذا كذب وافتراء لا يمكن للخلفاء الثلاثة ان يكونوا قد حرّفوا فالقران هو هذا وما يقال بان فلانا غيّر القرآن غير صحيح..
اول من بدأ فكرة التحريف ضد الشيعة هو ابن حزم الاندلسي وهناك ايضاً جماعات كثيرة..
يقول ابن حزم الاندلسي : ومن قول الامامية كلها قديماً وحديثاً ان القرآن مبدّل زيدَ فيهِ ما ليسَ فيه ونُقصَ منهُ كثير وبُدِّلَ منهُ كثير، حاشى المرتضى علم الهدى ان يقول بالتحريف، سؤالنا هنا : انت كيف تكفّر قديماً وحديثاً ؟قبل علم الهدى لدينا الشيخ الصدوق وعندنا الشيخ المفيد وعشرات الاشخاص ..قديماً وبعده عشرات الاشخاص فكيف انت تقول اجمعت الامامية ..
وهذا الذي انقله من كتاب صيانة القران من التحريف للشيخ محمد هادي معرفة ص89.
وهذه الاشكالية الموجودة جداً تؤذي..
انقل لك كلام احد الكبار في القرن الرابع الهجري في كتابه مقالات الاسلاميين في المجلد الاول ص119-120، يقول الاشعري المتوفى في 330 هـ : واختلفت الروافض في القران هل زيد فيه او نقص منه وهم فرقتان : فالفرقة الاولى منهم يزعمون ان القرآن قد نُقص منه واما الزيادة فذلك غير جائز ان يكون قد كان، وكذلك لا يجوز ان يكون قد غُيّرَ منه شيء مما كان عليه فأمّا ذهاب كثير منه فقد ذهب كثير منه والامام يحيط علماً به.والفرقة الثانية منهم وهم القائلون بالاعتزال لقولهم بأصل العدل والامامة (وهذا يعني نحن اننا الشيعة الامامية الاثني عشرية) يزعمون ان القرآن ما نقص منه ولا زِيدَ فيه وانه على ما انزله الله تعالى على نبيه لم يغيّر ولم يبدّل ولا زال عما كان عليه.