2014-6-29
View :846

اعداد: علي الشاهر


بعد ان منَّ الله (سبحانه وتعالى) على الشيخ محمد التيجاني السماوي باعتناقه مذهب أهل البيت (عليهم السلام)، شرع سماحته بالبحث والتقصّي عن هذا المذهب العظيم وراح يدافع عنه بكتبه ليكون مع الصادقين.


فعن الإمامة وأحقية أهل البيت (عليهم السلام) بها وخلافتهم بعد الرسول الكريم (صلى الله عليه وآله)، كتب التيجاني في كتابه (لأكون مع الصادقين) عنها، وقسمها إلى جزءين، الإمامة في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة.
ففي القرآن الكريم.. قال اللّه تعالى: (وَإذِ ابْتَلَى إبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَات فَأتَمَّهُنَّ قَالَ إنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إمَاماً قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ).
وفي هذه الآية الكريمة يبيّن اللّه لنا بأنّ الإمامة منصبٌ إلهي يعطيه اللّه لمن يشاء من عباده لقوله: (جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إمَاماً)، كما توضّح الآية بأنّ الإمامة هي عهد من اللّه لا يناله إلاّ العباد الصالحون الذين اصطفاهم اللّه لهذا الغرض; لانتفائه عن الظالمين الذين لا يستحقّون عهده سبحانه وتعالى.
وقال تعالى: (وَجَعَلْنَاهُمْ أئِمَّةً يَهْدُونَ بِأمْرِنَا وَأوْحَيْنَا إلَيْهِمْ فِعْلَ الخَيْرَاتِ وَإقَامَ الصَّلاةِ وَإيتَاءَ الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَـنَا عَابِدِينَ).
وقال سبحانه وتعالى: (وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ.
وقال أيضاً: (وَنُرِيدُ أنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الوَارِثِينَ).
وقد يتوهّم البعض بأنّ مدلول الآيات المذكورة يُفهم منها بأنّ الإمامة المقصودة هنا هي النبّوة والرسالة، وهو خطأ في المفهوم العام للإمامة; لأنّ كلّ رسول هو نبي وإمام، وليس كلّ إمام رسولا أو نبيا.
ولهذا الغرض أوضح اللّه (سبحانه تعالى) في كتابه العزير بأنّ عباده الصالحين يمكن لهم أن يسألوه هذا المنصب الشريف ليتشرّفوا بهداية الناس وينالوا بذلك الأجر العظيم، قال تعالى: (وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَاماً * وَالَّذِينَ إذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمّاً وَعُمْيَاناً * وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّـنَا هَبْ لَـنَا مِنْ أزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أعْيُن وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إمَاماً).
كما أنّ القرآن الكريم استعمل لفظ الإمامة للتدليل على القادة والحكّام الظالمين الذين يُضلّون أتباعهم وشعوبهم، ويقودونهم إلى الفساد والعذاب في الدنيا والآخرة، فقد جاء في الذكر الحكيم حكاية عن فرعون وجنوده قوله تعالى: (فَأخَذْنَاهُ وَجُـنُودَهُ فَـنَبَذْنَاهُمْ فِي اليَمِّ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ* وَجَعَلْنَاهُمْ أئِمَّةً يَدْعُونَ إلَى النَّارِ وَيَوْمَ القِيَامَةِ لا يُـنصَرُونَ * وَأتْبَعْنَاهُمْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ القِيَامَةِ هُمْ مِنَ المَقْبُوحِينَ).
وعلى هذا الأساس فقول الشيعة هو الأقرب لما أقرّه القرآن الكريم; لأنّ اللّه (سبحانه وتعالى) أوضح بما لا يدع مجالاً للشكّ بأنّ الإمامة منصب إلهي ويجعله اللّه حيث يشاء، وهو عهد اللّه الذي نفاه عن الظالمين.
وبما أنّ غير علي من صحابة النبي قد أشركوا فترة ما قبل الإسلام، فإنهم بذلك يصبحون من الظالمين، فلا يستحقّون عهد اللّه لهم بالإمامة والخلافة.
ويبقى قول الشيعة بأنّ الإمام علي بن أبي طالب استحقّ وحده دون سائر الصحابة عهد اللّه بالإمامة; لأنّه لم يَعبُد إلاّ اللّه، وكرّم اللّه وجهه دون الصحابة، لأنّه لم يسجد لصنم.
وإذا قيل بأنّ الإسلام يجبّ ما قبله.
قلنا: نعم، ولكن يبقى الفرق كبيراً بين من كان مشركاً وتاب، ومن كان نقيّاً خالصاً لم يعرف إلاّ اللّه.
أما عن الإمامة في السنّة النبوية، فقد قال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) في الإمامة أقوالاً متعدّدة، رواها كلّ من الشيعة والسنّة في كتبهم ومسانيدهم، فمرّةً تحدّث عنها بلفظ الإمامة، ومرّة بلفظ الخلافة، وأُخرى بلفظ الولاية أو الإمارة.
جاء في الإمامة قوله (صلى الله عليه وآله): «خيار أئمتكم الذين تحبّونهم ويحبّونكم وتصلّون عليهم ويصلّون عليكم، وشرار أئمّتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم وتلعنونهم ويلعنونكم»، قالوا: يا رسول اللّه أفلا ننابذهم بالسيف؟
فقال: «لا ما أقاموا فيكم الصلاة».
وقال (صلى الله عليه وآله): «يكون بعدي أئمة لا يهتدون بهداي ولا يستنونّ بسنّتي، وسيقوم فيهم رجال قلوبهم قلوب الشياطين في جثمان إنس».
وجاء في الخلافة قوله (عليه الصلاة والسلام): «لا يزال الدين قائماً حتّى تقوم الساعة، أو يكون عليكم إثنا عشر خليفة كلّهم من قريش».
وعن جابر بن سمرة قال: سمعتُ رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) يقول: «لا يزال الإسلام عزيزاً إلى اثني عشر خليفة» ثمّ قال كلمة لم أفهمها، فقلتُ لأبي: ما قال؟ فقال: «كلّهم من قريش».
وجاء في الإمارة قوله (صلى الله عليه وآله): «يكون اثنا عشر أميراً... كلّهم من قريش».
وجاء عنه (صلى الله عليه وآله) محذّراً أصحابه: «ستحرصون على الإمارة، وستكون ندامة يوم القيامة، فنعم المرضعةُ وبئستِ الفاطمةُ».
وجاء الحديث أيضاً بلفظ الولاية قوله (صلى الله عليه وآله): «ما من والٍ يَلي رعيّة من المسلمين فيموت وهو غاش لهم إلاّ حرّمَ اللّه عليه الجنّة».
كما حدّث (صلى الله عليه وآله) بلفظ الولاية: «لا يزال أمر الناس ماضياً ما وليهم اثنا عشر رجلاً كلّهم من قريش».