2014-3-6
View :892

العلامة الميلاني يجيب بأدلة قاطعة عن أفضلية الأئمة المعصومين على الأنبياء (عليهم السلام)


يبحثُ العلامة السيد علي الحسيني الميلاني موضوعة مطروحة من زمن طويل في كتب علماء المسلمين، وتتلخص بمسألة تفضيل الائمّة على الانبياء (عليهم السلام)، وهو عنوان لكتابه القيّم الذي نسلط الضوء عليه في صفحة (حوار الكتب).


وقد استدل سماحته في بحثه عن هذا الموضوع بما ورد عن طرق أهل السنّة فقط، وما يكون متّفقاً عليه بين الطرفين، ومقبولاً لدى الفريقين.


ويقول الميلاني: يمكن الاستدلال لتفضيل الائمّة (عليهم السلام) على الانبياء بوجوه كثيرة، ومنها: مسألة المساواة بين أمير المؤمنين (عليهم السلام) والنبي الأكرم (صلى الله عليه وآله)، ولمّا كان نبيّنا أفضل من جميع الانبياء السابقين بالكتاب وبالسنّة وبالاجماع، فيكون عليّ أيضاً كذلك، وهذا الوجه ممّا استدلّ به علماؤنا السابقون، حيث يستدلون من آية المباهلة على أفضليّة أمير المؤمنين من الانبياء السابقين.


يقول الرازي ـ في ذيل آية المباهلة ـ: كان في الري رجل يقال له محمود بن الحسن الحمصي، وكان معلّماً للاثنى عشريّة، وكان يزعم أنّ عليّاً أفضل من جميع الانبياء سوى محمّد.


قال: والذي يدلّ عليه قوله: (وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ)، وليس المراد بقوله: (وَأَنْفُسَنَا) نفس محمّد (صلى الله عليه وآله)، لانّ الانسان لا يدعو نفسه، بل المراد به غيره، وأجمعوا على أنّ ذلك الغير كان علياً بن أبي طالب، فدلّت الاية على أنّ نفس عليّ هي نفس محمّد، ولا يمكن أن يكون المراد منه أنّ هذه النفس هي عين تلك النفس، فالمراد أنّ هذه النفس مثل تلك النفس، وذلك يقتضي الاستواء في جميع الوجوه، وإذا راجعنا كلام الشيخ المفيد لوجدناه ينسب الاستدلال إلى من سبقه من العلماء، فهذا الاستدلال موجود من قديم الايّام.


وأمّا المساواة بين أمير المؤمنين والنبي من السنّة، فهناك أدلّة كثيرة وأحاديث صحيحة معتبرة، متّفق عليها بين الطرفين، صريحة في هذا المعنى، أي في أنّ أمير المؤمنين والنبي متساويان، إلاّ في النبوة، لقيام الاجماع على أنّ النبوّة ختمت بمحمّد (صلى الله عليه وآله)، ومنها مثلاً حديث النور: «خلقت أنا وعلي من نور واحد»، ففي تلك الاحاديث يقول رسول الله: إنّ الله سبحانه وتعالى قسّم ذلك النور نصفين، فنصف أنا ونصف علي، ولما كان رسول الله أفضل البشر مطلقاً، فعلي كذلك".


والوجه الآخر الذي تطرق إليه العلامة الميلاني هو تشبيه أمير المؤمنين (عليه السلام) بالانبياء (عليهم السلام) السابقين، وفي هذا الموضوع يقول النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله): (من أراد أن يرى آدم في علمه، ونوحاً في طاعته، وإبراهيم في خلّته، وموسى في هيبته، وعيسى في صفوته، فلينظر إلى علي بن أبي طالب)، وهذا الحديث ورد في كتب الفريقين، وقد ذكره الحاكم النيسابوري وعبد الرزاق بن همّام وأبو حاتم الرازي وأبو بكر البهيقي وآخرون.


وقد روى أحمد بن حنبل، عن عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن ابن المسيّب، عن أبي هريرة، وأيضاً روى ابن بطّة في الابانة بإسناده عن ابن عباس، كلاهما عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: (من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه، وإلى نوح في فهمه، وإلى موسى في مناجاته، وإلى عيسى في سمته، وإلى محمّد في تمامه وكماله وجماله، فلينظر إلى هذا الرجل المقبل)، قال: فتطاول الناس بأعناقهم فإذا هم بعليّ كأنّما في صبب وينحل عن جبل.


وأمّا دلالة حديث التشبيه، فهذا الحديث يدلّ على أفضليّة أمير المؤمنين من الانبياء السابقين، بلحاظ أنّه قد اجتمعت فيه ما تفرّق في أولئك من الصفات الحميدة، ومن اجتمعت فيه الصفات المتفرّقة في جماعة، يكون هذا الشخص الذي اجتمعت فيه تلك الصفات أفضل من تلك الجماعة، وهذا الاستدلال واضح تماماً، ومقبول عند الطائفتين، كما يقول العلامة الميلاني


ثم ينتقل العلامة الميلاني إلى وجه آخر وهو عليّ (عليه السلام) أحبّ الخلق إلى الله، وهذا ما دلّ عليه حديث الطير: (اللهمّ ائتني بأحبّ الخلق إليك يأكل معي من هذا الطائر)، وإذا كان علي (عليه السلام) أفضل الخلق إلى الله سبحانه وتعالى، فيكون أفضل من الانبياء، كما هو واضح.


أما الوجه الرابع الذي استند عليه العلامة الميلاني في كتابه، فهو صلاة عيسى (عليه السلام) خلف الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف)، ويقول: من الادلّة على أفضليّة الائمّة (عليهم السلام) من الانبياء السابقين، قضيّة صلاة عيسى خلف الإمام المهدي، ونكتفي في بما ذكره الحافظ السيوطي، فإنّه أدرى بالاحاديث حيث يقول في كتابه (الحاوي للفتاوي): هذا من أعجب العجب، فإنّ صلاة عيسى خلف المهدي ثابتة في عدّة أحاديث صحيحة بإخبار رسول الله، وهو الصادق المصدّق الذي لا يخلف خبره.


وفي الصواعق لابن حجر دعوى تواتر الاحاديث في صلاة عيسى خلف المهدي (عليه السلام).


 


هوية الكاتب:


ولد سماحته في شهر رمضان سنة 1367 هجرية في النجف الأشرف، أكمل دراسته في المقدّمات والسّطوح في الحوزة العلمية بكربلاء المقدّسة، وقرأ السّطوح على علماء كبار ومدرّسين مشاهير من تلامذة جدّه آية الله العظمى السيد محمد هادي الميلاني، ثمّ هاجر إلى النجف الأشرف للحضور على أساطين الفقه والاُصول فلم يحضر إلاّ قليلاً حتّى اضطرّ إلى مغادرة العراق كسائر العلماء وتوجه إلى إيران، ونزل في مشهد ومن ثم في مدينة قم واشتغل منذ وروده الحوزة العلمية بالتدريس والتأليف وعمل من خلال كتبه القيمة على تبيان عظمة أهل البيت (عليهم السلام) والرد على الشبهات والأباطيل المثارة ضدهم.