2014-7-12
View :3056



تقرير: اثير رعد


انَّ كربلاء تزدحم بالزوار لوجود العتبات المقدسة فيها كضريح الإمام الحسين وأخيه أبي الفضل العباس عليهما السلام، وهذه الرموز هي مكان التقاء وتجمع ابناء المدينة، وبالذات بعد الفطور حيث كانت تقام مجالس وعظ وإرشاد لقضايا الحلال والحرام والطقوس الدينية التي تخص رمضان المبارك، ويتسم هذا الشهر الفضيل بالطابع الديني في هذه المدينة ، فهو شهر الصيام والطاعة والقيام والإطعام والتسبيح والمروءة.


 


ونقلا عند القدماء في مدينة الإمام الحسين كربلاء المقدسة التي كانت طقوسها تتسم بالطابع الديني اولا والطقوس الاخرى التي يقوم بها أبناء المحافظة حيث انه قبل قدوم شهر رمضان بأيام معدودات يستعد الناس لشراء المواد الغذائية الخاصة بالشهر، كالطحين والتمن والدهن الحر والهيل والنشا وغيرها من المواد ، ويزداد عليها الشراء والطلب في رمضان، وقد تكون الحاجات التقليدية اليومية لأيام رمضان ولياليه قد وصلت إلى حوانيت العطارين والبقالين والشكرجية، فتنتعش حركة السوق في الايام الأخيرة من شهر شعبان انتعاشا يخالف الأيام الأخرى.

حولَ تقاليد رمضان قديما وما يسودها من طقوس التقت مجلة (الاحرار) الحاج سعيد رشيد زميزم مسؤول المعارض في العتبة الحسينية المقدسة حيث عاش الأيام القديمة وما سمعه من أجداده بما كان لرمضان من طقوس وأيام جميلة آنذاك فتحدث قائلا : «رمضان الخير كان له طعم خاص وطقوس خاصة جميلة وقبل قدومه كان هناك عادة متوارثة تقوم بها معظم العوائل الكربلائية وهي (التسابيك) أي الصوم ليوم واحد أو ثلاثة أيام في أواخر شهر شعبان استعدادا للشهر المبارك, وفي هذه الأيام بالذات نسمع من على مآذن الروضتين الحسينية والعباسية عبارات تهليلية للسيد حسن الجهرمي والشيخ جواد المؤذن والسيد أمين، يرحبون بمقدم الشهر بعد أذان الغروب وأذان الفجر، ومنها : (مرحبآ بك يا شهر رمضان، مرحباً بك يا شهر الطاعة والغفران.. مرحباً يا شهر الخير والبركة... إلخ) ,وفي مساء يوم 30 شعبان يصعد الناس على سطوح المنازل والمساجد والمرتفعات العالية لمراقبة هلال رمضان، وبعد التأكد من ظهوره يعلنون البشرى ببدء الصوم».

وبين زميزم : «تبدأ رحلة رمضان قبل صيام اول يوم وقبيل وقت السحور بفترة أمدها ساعة واحدة أو أكثر، حيث يطوف (المسحراتي) أي الطبال ليدق على صفيحة فارغة (تنكه) منبها النائمين وموقظاً إياهم، ثم تطورت هذه العملية بالضرب على الطبل بدلآ من الصفيحة، وذلك استعدادآ للسحور في كل ليلة من ليالي رمضان، وهذا التقليد من العادات القديمة المتوارثة حتى يومنا هذا، ويستهل يوم الصيام بالتسبيح المتواصل والأدعية وقراءة القران الى وقت أذان المغرب, وعندما يبدأ المؤذن بأذان المغرب، يشرع الصائم بالفطور أولا بشرب ماء ساخن يسمى (قنداغ)، وقليل من الحساء (الشوربه) أو قليل من التمر. وقبل تناول أي نوع من الأطعمة يقرأ دعاء الإفطار المشهور (اللهم لك صمت، وعلى رزقك أفطرت، وعليك توكلت، ولصوم غد نويت), وفي وقت الفطور كان هناك ما يدل على الألفة بين الناس مثلا كانت ربات البيت يقمن بخبز اللحم وتوزيعه على الجيران وطبخ الأكلات وتوزيعها ايضا فترى المناطق وقت الإفطار كل بيت يوزع على جيرانه وتمد الموائد وعليها صحون الشوربة والدولمة والمحلبي والحلويات وغيرها من الاكلات».

وتابع: «بعد الصلاة والإفطار يقرأ الصائم دعاء (الافتتاح) ويطلق على تسميته أيضاً دعاء العشاء، حيث يقرأ في كل ليلة في المساجد والمشاهد المقدسة عن طريق مكبرات الصوت في الوقت الحاضر، وأوله: (اللهم إني أفتتح الثناء بحمدك...)، كما يتلى القرآن أيضاً وتكون هناك مجالس للتجويد ومن ضمن القراء البارعين الذين كانوا يشرفون على هذه المجالس هم المرحوم الحاج حمودي الحميري والمرحوم الحاج محمد علي القندرجي وتظل المساجد والحسينيات مفتوحة الى وقت السحور حيث كان يقرأ دعاء السحور في منتصف الليل ومن قرائه المرحوم امين ماميثة والمرحوم حجي جواد القارئ وغيرهم من  ابناء المدينة».  

مضيفا: «كان هناك مجالس أفراح ومسرات، ومجالس للعزاء (الحسيني) تقيمها الأُسر والبيوتات الكربلائية في الدواوين، فلا تخلو محلة من المحلات والأماكن المقدسة منها , وفي شهادة الإمام علي عليه السلام يخرج موكب للعزاء يحمل مثالآ لنعش الإمام مغطى بعمامة خضراء، ثم يطوف الموكب شوارع المدينة وساحاتها مارآ بالروضتين وفي ليالي القدر يتلو الناس القرآن ويدعون الله كثيرا ويقومون بــ(حمل القرآئين أي المصاحف) في مرقد الإمام الحسين عليه السلام ومرقد أخيه العباس عليه السلام وفي المساجد والبيوت».

واوضح: «هناك ظاهرة الحر الشديد، فقد كان رمضان يمر في السنين الخوالي بموسم الصيف، فلم يطق الصائم صبرآ، مما يضطر البعض الخروج إلى نهر الحسينية وقت العصر، فيدخل جسمه (يغطسه) إلى حد الرقبة في النهر أو في أحواض البيوت لحين وقت أذان المغرب ومن التقاليد الاخرى الجميلة التي كانت تنتشر بين أبناء المدينة هي انهم يتهيؤون لشيء جميل وهو ليس موجودا الان وهو تحضير مجموعة من الطائرات الورقية وخيوط الشيشة حيث يقومون بطحن الزجاج ونشرها على الخيط ومن ثم يصعدون الى السطوح وبالرغم من شد الحر يقومون بطيران الطائرات وهم يتسامرون ويتحابون, وكان عدد كبير من الشباب يتوجهون الى نهر الحسينية للسباحة ويقضون اوقاتآ جميلة, وأيضا كان هناك لعبة المحيبس حيث تلعب كل محلة مع الاخرى ويقومون بتوزيع الحلويات, اضافة الى انه كان عدد من المقاهي منتشرة في المدينة منها مقهى جاسم البحراني ومقهى حجي حسين حيث كانت هذه المقاهي تتخصص في عمل الأركيلة حيث كان عدد كبير من ابناء المدينة يجلسون في المقاهي وأيضا في العشرة ايام الاخيرة من شهر رمضان يتوجه الناس لشراء الملابس وتكون الأسواق مزدحمة وتستعد النساء لعمل الكليجة وأتذكر اني كنت طفلا والمرحومة جدتي كانت تعملها لنا واضع الصينية على رأسي واذهب بها الى الخباز ويضعها في الفرن, وأيضا يقوم الاهالي بالزيارات فيما بينهم ليصلوا الأرحام وفي نهاية الحديث انا سعيد مرتين كوني اولا سعيدا بإعادتي الى الماضي وتذكر اللحظات الجميلة وأيضا كون اسمي سعيد».

ختاما هكذا كان رمضان في كربلاء له نكهة خاصة قلما نجدها في منطقة أخرى من مناطق العراق، و ما يبرزه في كربلاء هو وجود العتبات المقدسة.

ونقلا عند القدماء في مدينة الإمام الحسين كربلاء المقدسة التي كانت طقوسها تتسم بالطابع الديني اولا والطقوس الاخرى التي يقوم بها أبناء المحافظة حيث انه قبل قدوم شهر رمضان بأيام معدودات يستعد الناس لشراء المواد الغذائية الخاصة بالشهر، كالطحين والتمن والدهن الحر والهيل والنشا وغيرها من المواد ، ويزداد عليها الشراء والطلب في رمضان، وقد تكون الحاجات التقليدية اليومية لأيام رمضان ولياليه قد وصلت إلى حوانيت العطارين والبقالين والشكرجية، فتنتعش حركة السوق في الايام الأخيرة من شهر شعبان انتعاشا يخالف الأيام الأخرى.


حولَ تقاليد رمضان قديما وما يسودها من طقوس التقت مجلة (الاحرار) الحاج سعيد رشيد زميزم مسؤول المعارض في العتبة الحسينية المقدسة حيث عاش الأيام القديمة وما سمعه من أجداده بما كان لرمضان من طقوس وأيام جميلة آنذاك فتحدث قائلا : «رمضان الخير كان له طعم خاص وطقوس خاصة جميلة وقبل قدومه كان هناك عادة متوارثة تقوم بها معظم العوائل الكربلائية وهي (التسابيك) أي الصوم ليوم واحد أو ثلاثة أيام في أواخر شهر شعبان استعدادا للشهر المبارك, وفي هذه الأيام بالذات نسمع من على مآذن الروضتين الحسينية والعباسية عبارات تهليلية للسيد حسن الجهرمي والشيخ جواد المؤذن والسيد أمين، يرحبون بمقدم الشهر بعد أذان الغروب وأذان الفجر، ومنها : (مرحبآ بك يا شهر رمضان، مرحباً بك يا شهر الطاعة والغفران.. مرحباً يا شهر الخير والبركة... إلخ) ,وفي مساء يوم 30 شعبان يصعد الناس على سطوح المنازل والمساجد والمرتفعات العالية لمراقبة هلال رمضان، وبعد التأكد من ظهوره يعلنون البشرى ببدء الصوم».


وبين زميزم : «تبدأ رحلة رمضان قبل صيام اول يوم وقبيل وقت السحور بفترة أمدها ساعة واحدة أو أكثر، حيث يطوف (المسحراتي) أي الطبال ليدق على صفيحة فارغة (تنكه) منبها النائمين وموقظاً إياهم، ثم تطورت هذه العملية بالضرب على الطبل بدلآ من الصفيحة، وذلك استعدادآ للسحور في كل ليلة من ليالي رمضان، وهذا التقليد من العادات القديمة المتوارثة حتى يومنا هذا، ويستهل يوم الصيام بالتسبيح المتواصل والأدعية وقراءة القران الى وقت أذان المغرب, وعندما يبدأ المؤذن بأذان المغرب، يشرع الصائم بالفطور أولا بشرب ماء ساخن يسمى (قنداغ)، وقليل من الحساء (الشوربه) أو قليل من التمر. وقبل تناول أي نوع من الأطعمة يقرأ دعاء الإفطار المشهور (اللهم لك صمت، وعلى رزقك أفطرت، وعليك توكلت، ولصوم غد نويت), وفي وقت الفطور كان هناك ما يدل على الألفة بين الناس مثلا كانت ربات البيت يقمن بخبز اللحم وتوزيعه على الجيران وطبخ الأكلات وتوزيعها ايضا فترى المناطق وقت الإفطار كل بيت يوزع على جيرانه وتمد الموائد وعليها صحون الشوربة والدولمة والمحلبي والحلويات وغيرها من الاكلات».


وتابع: «بعد الصلاة والإفطار يقرأ الصائم دعاء (الافتتاح) ويطلق على تسميته أيضاً دعاء العشاء، حيث يقرأ في كل ليلة في المساجد والمشاهد المقدسة عن طريق مكبرات الصوت في الوقت الحاضر، وأوله: (اللهم إني أفتتح الثناء بحمدك...)، كما يتلى القرآن أيضاً وتكون هناك مجالس للتجويد ومن ضمن القراء البارعين الذين كانوا يشرفون على هذه المجالس هم المرحوم الحاج حمودي الحميري والمرحوم الحاج محمد علي القندرجي وتظل المساجد والحسينيات مفتوحة الى وقت السحور حيث كان يقرأ دعاء السحور في منتصف الليل ومن قرائه المرحوم امين ماميثة والمرحوم حجي جواد القارئ وغيرهم من  ابناء المدينة».  


مضيفا: «كان هناك مجالس أفراح ومسرات، ومجالس للعزاء (الحسيني) تقيمها الأُسر والبيوتات الكربلائية في الدواوين، فلا تخلو محلة من المحلات والأماكن المقدسة منها , وفي شهادة الإمام علي عليه السلام يخرج موكب للعزاء يحمل مثالآ لنعش الإمام مغطى بعمامة خضراء، ثم يطوف الموكب شوارع المدينة وساحاتها مارآ بالروضتين وفي ليالي القدر يتلو الناس القرآن ويدعون الله كثيرا ويقومون بــ(حمل القرآئين أي المصاحف) في مرقد الإمام الحسين عليه السلام ومرقد أخيه العباس عليه السلام وفي المساجد والبيوت».


واوضح: «هناك ظاهرة الحر الشديد، فقد كان رمضان يمر في السنين الخوالي بموسم الصيف، فلم يطق الصائم صبرآ، مما يضطر البعض الخروج إلى نهر الحسينية وقت العصر، فيدخل جسمه (يغطسه) إلى حد الرقبة في النهر أو في أحواض البيوت لحين وقت أذان المغرب ومن التقاليد الاخرى الجميلة التي كانت تنتشر بين أبناء المدينة هي انهم يتهيؤون لشيء جميل وهو ليس موجودا الان وهو تحضير مجموعة من الطائرات الورقية وخيوط الشيشة حيث يقومون بطحن الزجاج ونشرها على الخيط ومن ثم يصعدون الى السطوح وبالرغم من شد الحر يقومون بطيران الطائرات وهم يتسامرون ويتحابون, وكان عدد كبير من الشباب يتوجهون الى نهر الحسينية للسباحة ويقضون اوقاتآ جميلة, وأيضا كان هناك لعبة المحيبس حيث تلعب كل محلة مع الاخرى ويقومون بتوزيع الحلويات, اضافة الى انه كان عدد من المقاهي منتشرة في المدينة منها مقهى جاسم البحراني ومقهى حجي حسين حيث كانت هذه المقاهي تتخصص في عمل الأركيلة حيث كان عدد كبير من ابناء المدينة يجلسون في المقاهي وأيضا في العشرة ايام الاخيرة من شهر رمضان يتوجه الناس لشراء الملابس وتكون الأسواق مزدحمة وتستعد النساء لعمل الكليجة وأتذكر اني كنت طفلا والمرحومة جدتي كانت تعملها لنا واضع الصينية على رأسي واذهب بها الى الخباز ويضعها في الفرن, وأيضا يقوم الاهالي بالزيارات فيما بينهم ليصلوا الأرحام وفي نهاية الحديث انا سعيد مرتين كوني اولا سعيدا بإعادتي الى الماضي وتذكر اللحظات الجميلة وأيضا كون اسمي سعيد».


ختاما هكذا كان رمضان في كربلاء له نكهة خاصة قلما نجدها في منطقة أخرى من مناطق العراق، و ما يبرزه في كربلاء هو وجود العتبات المقدسة.