2014-7-12
View :344



عبد الرضا هيجل


بينما كنتُ اتطلعُ الى دقةِ الجمالِ العمرانيِّ الذي اتسعَ نطاقه في ثنايا كربلاءَ المقدسةِ, وإذا بنقرةِ حبيبٍ على كتفي الايمنِ, أعقبَتهُ معانقةُ غائبٍ لم يجدْ إلا اللهفةَ تسعى بين جنبيهِ لبعدِ الاتجاهِ الزمنيِّ عني, فاحتضنَ لهيبُ شوقِه عنقي, وبادلتُه بالمشاعرِ ذاتِها مع طاقةِ الاشتياقِ التي سرعانَ ما وثبَتْ الى فمي, فأغرقتْهُ بعاطفةٍ تلقتْهُ بشغفٍ, مع عفويةِ امتدادِ الايدي للتصافح ِالاخويِّ وبالسرعةِ المعهودةِ باللقاءِ, وادهشتْني عيناه فقد سبقتْ الى مآقيها دميعاتٌ رقيقةٌ يكتشفُها الداني والقاصي, ولم أمتلكْ بُدّاً إلا السؤالَ عنها, فألححتُ وسكتَ, وأبيتُ فموّهَ, فانفجرتْ منه عاصفةُ الأسى, وأخبرني عن صديق ٍلنا قد تغمدهُ اللهُ برحمتِهِ الواسعةِ, ولازال المواسون يمدونَ عُرى الحزنِ في الجامع ِالفلاني, ومعاً شددْنا الرحالَ اليه, وكان الصمتُ يرافقُنا على مدى الوصول. كانت بحقٍ تظاهرةَ حزنٍ تقشعرُّ لها الابدانُ لضخامةِ الحدثِ والحادثِ المروّعِ في عبوةِ شرٍ زُرعتْ أُهديت له, فتلقفّها بصدرهِ الرحبِ لينالَ الشهادةَ, كان الوقارُ ثالثُنا في هيبةٍ متواضعةٍ في مستوى الاحزانِ كعادةِ المواسينَ, وما أن جلستُ في المكانِ الذي رُسمَ لي على خارطةِ المتبوئينَ حتى تراكمتْ الامواجُ النقديةُ في صدري عن صورٍ تُهيلُ الترابَ على أخلاقيةِ بعضِ المؤمنين كما يدّعون,  فالقارئُ القرآنيُّ في وادٍ, والحاضرون في وادٍ آخر, فهو يُلقي على مسامعِهم أحلى الكلامِ ,ِوهم يخوضونَ ببحار ِأحكامِ التجارةِ الدنيويةِ والتمنياتِ العطرةِ بطيبِ شذى القصصِ الملاحِ, ويتمشدقون بالطرائفِ النادرة ِوالسائدةِ, ولاعلاقةَ لهم إطلاقاً بكلامِ اللهِ سبحانه المُلقى بخشوعٍ ,و الذي لهُ صداهُ في جهاز ِالمذياعِ فقط, يتناولون ما لذَّ وطابَ من لحومِ إخواِنهم، والمعاني الالهيةِ الساميةِ تُضرَبُ عرضَ الحائطِ ,الم يقرأوا القرآنَ؟وأين هم من قولِه سبحانَهُ: ( وإذا قُرئَ القرآنُ فاستمعوا لهُ وأنصِتوا لعلكم تُرحمونَ ) ولو بالمعنى العامِ لها,وهناكَ اعجبُ منهم محنةً, شُغفَ القهواتي حبًا بإظهارِ أنغام ٍتسيلُ عذوبةً ورقّةً, أما قارئُ القرآنِ فإنهُ ينظرُ يميناً وشمالًا لعله يحظى بمن يُصغي إلى تلاوتِه التي تزهو بالدقةِ أداءً متميزاً أحكاماً وحركاتٍ ,يثيرُ عندَ المنصفين شجىً وخشوعاً, وكم تمنيتُ أن يقتدي به القراء. إن للقرآنِ دوراً مهماً في تنظيمِ حياةٍ ترفلُ بالعدالةِ الاجتماعيةِ, وليس كلاماً عابراً, فهو الدستورُ القدسيُّ الذي يبني ولا يُهدِّمُ, وعندما يُلقى علينا يتألقُ هدفُ المسيرةِ الحقةِ وهو التدبّرُ القرآنيُّ, أما النَيلُ منه باللغوِ من الكلامِ الطائشِ, فمردُّهُ الى خُلُقِ السامعِ , واحترامُه واجبٌ بدلالةِ الآيةِ السابقةِ, وتكليفُنا الشرعيُّ تنبيهُ الغافلينَ (فهل من مدّكرٍ).