2014-9-22
View :319

تناول ممثل المرجعية الدينية العليا سماحة الشيخ عبد المهدي الكربلائي خطيب وإمام الجُمعة في كربلاء المقدسة في خُطبته الثانية من صلاة الجُمعة التي أقيمت في الصحن الحسيني الشريف في 11 /شوال /1435هـ الموافق 8/8/2014م، تناول ثلاثة أمور جاءت كما ياتي:


الأمر الاول :
في الايام القليلة الماضية تمدد ارهابيو داعش الى مناطق اخرى من محافظة نينوى، وسيطروا على عدد من المدن التي معظم سكانها من المواطنين الايزيديين والمسيحيين والشبك، فقتلوا الكثير من الرجال، وسبوا العديد من النساء، وتسببوا في نزوح عشرات الالاف من العوائل، وبعضهم لا يزالون محاصرين في الجبال يعانون من الجوع والعطش، وقضى العشرات من اطفالهم بسبب ذلك في مشاهد مروعة تقرح القلوب وتجري الدموع.
وقام الارهابيون بالإضافة الى ذلك بهدم العديد من المراكز الدينية لمختلف الاديان والطوائف ودمروا ما نالته ايديهم من تراث المسلمين والمسيحيين والايزيديين.
اننا في الوقت الذي ندين ونشجب فيه بأشد العبارات كل ما ارتكبته عصابة داعش من اعمال ارهابية من قتل وسبي وتهجير وترويع بحق المواطنين العراقيين، ولا سيما من الاقليات الدينية والقومية، فإننا نؤكد على ما سبق ان بيناه في خُطب سابقة من ان هذه العصابة الارهابية تستهدف جميع محافظات ومدن العراق وجميع قومياته وأديانه ومذاهبه ولا يقف خطرها واجرامها عند طائفة او قومية معينة...
فلا يتوهم البعض انه سيكون بمنأى من اعتداءاتها وتجاوزاتها، اذا لم تتعرض له اليوم؛ فإنها تريد ان تقضم الجميع ولكن على مراحل.. وقد ثبت هذا بالفعل من خلال ما قامت به هذه العصابة في الايام الماضية من التمدد الى مناطق قريبة من اربيل .. فعلى جميع العراقيين ان يوحدوا صفوفهم، ويكثفوا جهودهم في مواجهة هذا الخطر الكبير الذي يهدد حاضرهم ومستقبلهم ..
وليعلم كل الاطراف السياسية ان التنازع والتناحر والاختلاف بينها – الذي لا اساس له في كثير من الاحيان الا بعض المصالح الشخصية او الطائفية او القومية - قد تسبب في إضعاف الجميع، وفسح المجال للإرهابيين لأن يطمعوا في العراق وشعبه، ومن هنا فقد آن الاوان لكي يتنبه الجميع الى ان من اهم الشروط المطلوبة لوقف تمدد هذه العصابة الى مناطق اخرى، ثم القضاء عليها وطردها من العراق؛ هو توحيد القوى السياسية لمواقفها، والعمل وفق رؤية موحدة لإدارة البلد.. تراعى فيها حقوق جميع المواطنين، وتحدد واجباتهم على قدم المساواة بلا اختلاف بين قومياتهم وأديانهم ومذاهبهم..
وليعلم البعض انه لا قيمة لأي مكسب يتوقع حصوله عليه من وراء الاصرار على مواقفه المثيرة للاختلاف، والتنازع بإزاء ما يتعرض له الشعب العراقي بأجمعه من خسائر فادحة مع تمدد هذه العصابة المجرمة.
 الأمر الثاني :
ان تزايد مخاطر وجرائم الارهابيين الغرباء بحق جميع فئات الشعب العراقي وطوائفه ودياناته وقومياته، يتطلب من الجهات القادرة والفاعلة في المجتمع الدولي اتخاذ مواقف عملية حاسمة تتناسب وحجم الخطر الذي اخذ يزحف الى مناطق اخرى من العراق – بل صرح بعض قادة الجماعات الارهابية انهم يستهدفون دولا اخرى في المنطقة، وما جرى في بعض مناطق لبنان دليل ميداني على ذلك، وبالتالي فان المأساة الانسانية للنازحين يمكن ان تتفاقم الى اضعاف ما هو موجود حالياً – ولا يكفي مجرد بيانات الادانة والمواساة لمواطني هذه المناطق المنكوبة او ارسال بعض المساعدات الانسانية .. بل يجب التعاون مع الحكومة العراقية من وضع خطط محكمة لمقابلة الارهابيين والقضاء عليهم قبل ان تتوسع جرائمهم وتنال ابرياء آخرين..
كما ان المطلوب من الدبلوماسية العراقية ان تتحرك بفاعلية وجدية نحو المنظمات الدولية، وشعوب العالم، لوضعهم امام الصورة المأساوية لجرائم هؤلاء الارهابيين، والضغط على الدول التي يمكن ان يكون لها دور مؤثر من اجل اتخاذ موقف مساند وعملي للشعب العراقي حتى يتمكن من ايقاف زحف هذه العصابات.
 الأمر الثالث :
تزامناً مع جرائم داعش وتمددها الى مناطق اخرى، والصور المروعة لمأساة النازحين، يستمر التنازع والاختلاف بشأن منصب رئيس مجلس الوزراء، وقد تم تمديد المهلة لثلاثة ايام اخرى عسى ان يحصل الاتفاق بين الاطراف المعنية بشأنه..
اننا في الوقت الذي نؤكد فيه على ضرورة ان تحظى الحكومة الجديدة بقبول وطني واسع .. نناشد كل المرشحين ان يراقبوا الله تعالى، وينظروا الى مصلحة الشعب العراقي المظلوم، و يفسحوا المجال لمن يكون منهم هو الاكفأ والاقدر على جمع الكلمة، والعمل مع القيادات السياسية لبقية المكونات في حل ازمات البلد المستعصية..
ان الاصرار على التشبث بالموقع مهما ترتب على ذلك من آثار سلبية على البلد خطأ فظيع يجب ان يتجنبه أي سياسي يشعر ولو بقدر ضئيل من المسؤولية امام شعبه.
نسأل الله العلي القدير ان يأخذ بيد الجميع الى ما فيه الخير والصلاح.