2015-8-30
View :569

تطرق ممثل المرجعية الدينية العليا سماحة السيد أحمد الصافي  خطيب وإمام الجمعة في كربلاء المقدسة في خطبته الثانية من صلاة الجمعة والتي أقيمت في الصحن الحسيني الشريف في 5 ذي القعدة 1436هـ الموافق 21/8/2015م تطرق الى أمرين أستهلهما بالآتي:


الأمرُ الاول:
تتواصل المعارك الضارية التي يخوضها أعزاءنا في القوات المسلحة ومن معهم من المتطوعين الابطال، وأبناء العشائر الغيارى في مختلف الجبهات مع عناصر تنظيم داعش الارهابي. ان المعركة مع هؤلاء الارهابيين تمثّل أشرف المعارك، وأحقّها لأنها تجري دفاعاً عن وجودنا ومستقبلنا كشعب، وعن عزتنا وكرامتنا ومقدساتنا، ولقد تابع الجميع ما جرى ويجري في المناطق التي سيطر عليها الارهابيون من أعمال وحشية لا تمت الى الانسانية بصلة.. من استرقاق النساء واغتصابهن، وقتل الأبرياء بأبشع الصور وأفظعها، وتشريد مئات الآلاف من المواطنين، وهدم وإزالة الكثير من شواهد الحضارة العراقية العريقة، فالمعركة مع الارهابيين الدواعش هي معركة مصيرية بكل ما لهذه الكلمة من معنى..
وأبنائنا الميامين الذين يستبسلون في جبهات القتال؛ انما يقومون بالمهمة الأصعب والأسمى في هذه المعركة، وعلى الآخرين حكومة وشعباً ان يقدّموا كل ما باستطاعتهم في سبيل اسناد المقاتلين ودعمهم، وتقوية عزائمهم، وتعزيز معنوياتهم، ورعاية عوائلهم.
ان ما ننعم به من أمن واستقرار في مدننا ومناطقنا؛ إنما هو نتيجة جهود وتضحيات هؤلاء الأبطال .. فلا ينبغي ان تُنسينا معركة الإصلاحات عن المعركة التي يخوضها هؤلاء الاعزّة  بدمائهم وارواحهم.. بل ينبغي ان يكون دعمهم تسليحاً وتدريباً وتنظيماً وتمويلا ً من أهم ما يدعو اليه المطالبون بالإصلاح اينما كانوا ..
الأمر الثاني :
ان معركة الاصلاحات التي نخوضها في هذه الأيام هي ايضاً معركة مصيرية تحدّد مستقبلنا ومستقبل بلدنا، ولا خيار لنا شعباً وحكومة الا الانتصار فيها، ولكنه يحتاج الى صبر وأناة، وتظافر جهود كل المخلصين من أبناء هذا الشعب.
فبعد سنوات طويلة من تفاقم الفساد وتجذّره وتشعبه، وترهل الجهاز الاداري للدولة، وغير ذلك من أوجه الفساد سواء على مستوى الاشخاص او النظام العام للدولة؛ لا يمكن الوصول الى الاصلاح المنشود في أيام قلائل، ولكن في الوقت نفسه لابد من عدم التواني في القيام بإجراءات حقيقية وصارمة بهذا الاتجاه، وهنا لابد من التأكيد مرة اخرى على ضرورة العمل لإصلاح الجهاز القضائي للقيام بمهامه على الوجه الصحيح ولا نريد الاستغراق في بيان أوجه الفساد والتقصير في عمل هذا الجهاز المهم خلال السنوات الماضية، ولكن نشير الى ان ما يلاحظ من تكاثر الفاسدين من لصوص المال العام، وعصابات الخطف والابتزاز، وشيوع ثقافة الرشاوى في كافة مفاصل الدولة والمجتمع هو من نتائج تخلّف الكثير من المسؤولين في هذا الجهاز عن القيام بأداء واجباتهم القانونية.
ولابد من التأكيد ايضاً على ان الخطوات الاصلاحية يجب ان تتم وفق الاجراءات القانونية حتى لا يبقى مجال للمتضررين منها الى التقدّم بشكاوى الى المحاكم لإبطالها بذريعة مخالفتها للدستور أو القانون، فتتحول هذه الخطوات الى حبر على ورق..
ان من الخطوات الاصلاحية ما يتطلب تعديلاً قانونياً او تشريع قانون جديد.. فمن الضروري ان تقوم الحكومة بتقديم مشاريع لهذا الغرض الى مجلس النواب ليتم اقرارها، فلا يبقى منفذ الى التراجع عنها لاحقاً ..
اننا نؤكد مرة اخرى على انه ليس للمسؤولين في السلطات الثلاث التشريعية والقضائية والتنفيذية ليس لهم خيار سوى المضي قدما ً في إجراء الاصلاحات الضرورية، ولابد من الاسراع في القيام بالخطوات اللازمة لمحاسبة كبار الفاسدين من سُرّاق المال العام.. ولابد من دعم المكلّفين بأداء هذه المهمة وحمايتهم من ان يمسّهم سوء من قبل أولئك الفاسدين وأتباعهم ..
اخذ الله تعالى بأيدي الخيرين المخلصين الى ما فيه الصلاح بحق محمد وآله الاطهار .. والحمد لله رب العالمين ..