2014-5-3
View :903




 



حيدر عاشور العبيدي



 



حينَ يكبر عشق في حضرتك تصمت كل الكلمات ، يصبح عشقنا لغة عميقة للتعبير،وتجعل من عيوننا رسائل مكتوبة هي توسل وتضرع وجزع ووجع في كل أرجاء فضاءاتك ...وحين تشعر أرواحنا بقصور تبحث عن مصالحة الذات وتغرق في أعماق جسدها لا شيء يوقفها ،ولا مصدات ولا أي من التساؤلات الحيرى، ليبقى الحزن عنوانا سائدا في ضلوعنا ،فينطلق القلب طوعا لنداءات الروح بانسياب حر يداوي الحزن بالحزن ..



هذا أنا سيدي ومولاي أعود إليك نادما بعد أن قتلني اليأس وجفت ينابيعي حين غلبني الشيطان وغفلت لحظات عن ذكرك ..إنارت الأضواء فجأة في كياني كله في تظاهرة حب وعشق لخدمتك ،فكل دقيقة في حضرتك لها في راسي توهج نحو طيفك فيختلط دمي بدمعي ..وهذه هي القوى الخفية التي تسري بروحي ..منذ أن أبصرت عظمتك... وكبرت وأنا اردد اسمك مع كل دمعة ترسمها عيوني على أديم وجهي...تعلقت بطينتك ،وتكونت منها وبلغت الرشد وأنا احفر اسمك على كل أشيائي ،وكنت أغيظ باسمك أحفاد أعدائك ،واهدي لهم من صنع يدي مسبحة حباتها نقش اسمك يذكرونك دون أن يشعروا ،وذات يوم قرر احدهم أن يتحدى نفسه ،ويدخل ضريحك مبتسما كي يغيظ حزني الدائم فيك، كان يستعد للذهاب وجمل نفسه وعطر جسده ولبس من الثياب أجملها، وتوجهنا إليك وعيوني تراقب حركاته ما أن وضع قدمه عند أعتاب بابك حتى نسي نفسه ،وأبطأ من حركته وقام يردد مع الذين يصلون على محمد وال محمد بذات النفس ،وذات الصوت ،وتقدمني بخطوات ثقيلة ،ووقف عند حائرك الشريف،وعيونه تتفحص كل شيء بصمت يبحث عني بلطف وهو يتساءل بهمس ما أعظمه فأين قبره؟



مرت بجانبه حدباء يحملها مشيعون يرددون:( الله اكبر).. صعق وابيضت عيناه وعرق جبينه وامسك بيدي فشعرت بعظيم دقات قلبه وهي تتسارع في نبضها بلا هوادة.



وقفنا أمام الضريح وحملنا أدعية الزيارة ،وقبل الولوج فيها، نطق بصوت عال وعين باكية وروح جزعة:( السلام عليك يا أبا عبد الله الحسين ) ... وجثم على ركبتيه وقال:  صلى الله عليك يا أبا عبد الله الحسين ،ونحب حتى أبكاني وأبكى من حولنا ،واخرج من جيبه مسبحتي التي أهديتها له يوما ... ليقول: سيدي هذه هي سر وجودي هنا من حباتها أبي ما عاد كالسابق باغيا وعاصيا بعد أن أعطته أمي حبة منها وأنا يا سيدي اقر بجهلي وأعلن إتمام إسلامي في حضرتك... كان صوته ذا بحة ممتلئة بالحزن ..سكنت نفسي وفاض وجعي ، وكبرت ثلاثا فقد فاجأني صديقي بما يحمله من حب لإمامنا..