2016-3-24
View :503

الأحرار/ قاسم عبد الهادي ـ علي الشاهر


 


من إبداعِ النزف الحسيني وثورة الحق على الباطل إلى مسرح الإبداع الجميل، افتتح قسم رعاية وتنمية الطفولة الحسينية في العتبة الحسينية المقدسة، مهرجان الحسيني الصغير لمسرح الطفل بنسخته الثانية تحت شعار (بنهج الحسين ـ عليه السلام ـ نبني الأجيال).


وقدّمَ عدد من فناني العراق عروضاً مسرحية أبهرت الجمهور على مدى ثلاثة أيام متواصلة للفترة من (12 - 14)، والتي تضمنت تسعة أعمال مسرحية صباحية ومسائية من ست محافظات هي كل من كربلاء والنجف  الاشرف وبغداد والبصرة والمثنى وذي قار.
ووضعت إدارة المهرجان لجنة تحكيمية مؤلفة من أكاديميين ومسرحيين عراقيين وعرب، والتي وقع على عاتقها تقسيم الجوائز بحسب أفضل عمل متكامل وأفضل سينوغرافيا وأفضل ممثل وممثلة وأفضل نص، بالإضافة إلى أفضل إخراج وأفضل مؤثرات صوتية.
ويعد مهرجان المسرح الحسيني الصغير هو الأول من نوعه في العراق والوطن العراقي؛ إذ يتناول القضية الحسينية بأبعادها الإنسانية وإيصالها إلى الطفل عن طريق المسرح.
انطلقتْ فعاليات المهرجان على قصر الثقافة والفنون في محافظة كربلاء المقدسة، بحضور ممثلين عن العتبة الحسينية المقدسة وحكومة كربلاء المحلية ونخبة من الأدباء والفنانين والمثقفين الذين قدموا من مختلف المحافظات العراقية.



وقد استهل حفل الافتتاح بتلاوة آيات بينات من القرآن الكريم تلاها الحاج عادل الكربلائي، وجاءت بعدها كلمة الأمانة العامة للعتبة الحسينية المقدسة، والتي ألقاها معاون الامين العام لشؤون الاعلام ورئيس اللجنة التحضيرية للمهرجان السيد سعد الدين هاشم البناء والتي جاء فيها: «يطلع علينا الامام الحسين (عليه السلام) شمسا بازغة على مر العقود والازمنة امتدادا للنور المحمدي ولصوت الاسلام المحمدي الذي هو لجميع الامة بغض النظر عن مذاهبها وتوجهاتها بل هو ابعد من ذلك فهو الى جميع الانسانية على اختلاف دياناتها لأنه صوت الحقيقة, واليوم اذ نقيم هذا الاحتفال فأننا نحاول بكل ما اوتينا من قوة وبجهودكم ان نوصل هذا الصوت الى جميع انحاء الارض وان نوثقه في نفوس ابطالنا الذين هم بذرة اليوم وثمرة المستقبل وهم رجال الغد والذين يعانون اليوم من تشابك الخطوط التي تتجاذبهم يمينا ويسارا بعيدا عن انتمائهم وهويتهم الاسلامية الحقيقية».
الاطفال جيل المستقبل نحاول من خلال بنائهم بشكل صحيح صد الهجمة الثقافية الغربية التي تهدف الى طمس معالم الدين الاسلامي وتحريفه.
واضاف البناء أن «مهرجان الحسيني الصغير هو ذلك الخط الذي نود ان نضع لبناته الاولى في نفوس صغارنا لينشأوا على مبادئ عظيمة تصنع دينا حرا  لا يرضخ للظالم وكذلك لنبعدهم عن اكف التطرف الذي يلقي بهم في ظلمات الدنيا والاخرة, لذلك كان هذا المهرجان اثراءً فكريا ونوعيا ومسرحيا جديدا ضمن انواع المسرح فهو مسرح الطفل الحسيني والذي يكون بكم وبمساندتكم، لأن الاطفال هم جيل المستقبل وكما يعلم الجميع ان هناك هجمة ثقافية غربية تهدف الى طمس معالم الدين الاسلامي وتحريفه, وان شاء الله هذه النشاطات التي تقيمها الامانة العامة للعتبة الحسينية المقدسة هي الرد المناسب لتلك الهجمات الغربية»، مشيراً بالوقت ذاته إلى ان «العتبة الحسينية والقائمين على المهرجان كانوا يسعون لأن يكون المهرجان دولياً؛ لكن الظرف الحالي للعتبة الحسينية المقدسة المالي حال دون ذلك، وقد تحققت الدولية من خلال لجنة التحكيم فقط التي ضمت بين أعضائها الأستاذ حافظ خليفة من تونس والدكتور عجاج سليم من سوريا، اضافة الى ضيفة شرف من سلطنة عمان»، مؤكداً أن المهرجان «حرص على طرح المواضيع التربوية والاخلاقية المرتبطة بالقضية الحسينية، في ظل الاهتمام الكبير بالقوات الامنية والحشد الشعبي المقدّس الذين يواصلون اليوم النهضة الحسينية الخالدة».
وقد تضمّنتْ فعاليات اليوم الأول من المهرجان تقديم أوبريت بعنوان (مولاي حسين) من تأليف محمد جبار حسن وعلاء الباشق وساعد في الإخراج مصطفى مهدي، وتلاه مباشرة بعد فترة الاستراحة العمل المسرحي بعنوان (ساعي البريد)، من تأليف جاسم المنصوري وأداء فرقة شناشيل المسرحية في محافظة البصرة وإخراج عبد الحسن نوري، وحمل العمل رسائل كثيرة للمتلقي واهمها التقارب ما بين الحاضر والماضي في قضية الامام الحسين (عليه السلام) وما يدور من احداث في العراق وقضية الحشد الشعبي المقدس والجيش العراقي الذين من خلال قتالهم ضد تنظيم داعش هم يسيرون على طريق الامام الحسين (عليه السلام) وهذا ما حدث في المسرحية من ارسال الرسائل الى المقاتلين من قبل الفنانين الصغار».
العروض المسرحية المقدمة كانت مثلجة للقلوب، فقد تضمنت أيام مهرجان تقديم مسرحية (شمس ورقية) التي شاركت بها مؤسسة البارق للثقافة والفنون، وهي من تأليف جاسم المنصوري وإعداد وإخراج مصطفى الظويهري وشارك في بطولتها (5 ممثلين)، وقد جسدت الشهادة ومنزلة الشهيد عند الله تعالى.
كما وقدّمت فرقة كشافة الكفيل المسرحية التابعة للعتبة العباسية المطهرة، مسرحية (شمس الحسين الخالدة)، من تأليف مرتضى العظيمي وإخراج عباس جبر الخفاجي، ويتحدث العرض عن الصراع الذي يدور بين الخير والشر وما يمر به العراق في الوقت الحالي.
أما العرض المسرحي الآخر فكان بعنوان (الطريق إلى الجنة) قدمه نخبة من فناني فرقة أنكيدو للفنون المسرحية، من إعداد وإخراج الفنان فكرت جاسم، والتي حاكت فكرة طفل يفقد والديه وأخاه في انفجار إرهابي وبعدها يدخل في حالة وحدة ويأخذ بالتساؤل عن المكان الذي ذهب إليه أهله وما هي الجنة حتى ينتقل في حالة من حالات اللاوعي إلى معركة الطف فيجد الجواب هناك الذي يقول: ان الطريق إلى الجنة هو من خلال الإمام الحسين (عليه السلام) ومحبته والولاء له.
وقد قدمت فرقة أصدقاء المسرح من محافظة كربلاء المقدسة وخلال اليوم الثالث للمهرجان، مسرحية (مرثية الانتظار) للمؤلف حيدر الشطري وإخراج حمزة محمد الفيحان، والذي حاول فيها جاهداً أن يقول بأن القضية الحسينية هي حاضرة في كل زمان ومكان من خلال المبادئ السامية للثورة.
كما وشارك الفنان علي جميل بإخراج مسرحية (قبل الزوال بتوقيت الشهادة) التي قدمتها فرقة (الميتا مسرح) من محافظة المثنى، والتي تحكي البدء الأول لنشأة الحياة ونزول آدم وحواء (عليهما السلام) وصراع قابيل مع هابيل وربطهم مع مصيبة الإمام الحسين (عليه السلام) ونقلها إلى الواقع وربط الواقع بالمصيبة الأليمة والحياة المريرة والشهادة.
كما وشهد المهرجان تقديم عرض مسرحي بعنوان (قطرة ماء) من إخراج الفنان رعد معن، ومسرحية (كل الطرق تؤدي إلى كربلاء) من إخراج الفنان إيثار الفضلي وتحاكي المسرحيتان القضية الحسينية والدروس التي يمكننا التعلم منها.
وبالنسبة للجنة التحكيمية للمهرجان، فقد ضمّت خمس شخصيات بارزة في مجال المسرح من داخل العراق وخارجه، فكان من سوريا الدكتور عجاج سليم، ومن تونس الأستاذ حافظ خليفة، ومن العراق الدكتور الفنان رياض شهيد والدكتور والأستاذ جبار خماط والإعلامي الأستاذ علاء الباشق.
الدكتور رياض شهيد، قال لـ (الأحرار) ان «هذه فرصة طيبة وجريئة في أن يتحدى مهرجان لمسرح الطفل وثقافة الطفل العراقي الذي طاله التهميش والفقر، أما الرسالة الأهم للمهرجان فهي أن يتبنّى قضية الإمام الحسين (عليه السلام) وأثرها ليس في نفوس المسلمين فحسب بل في الإنسانية جمعاء»، مباركاً لكل القائمين على المهرجان وللعتبة الحسينية المقدسة نجاحهم.
فيما قال الدكتور عجاج سليم: «وفّق الأخوة والأهل الأعزاء في العراق على أرض الكرامة والفداء والشهادة كربلاء بإقامة هذا الكرنفال الرائع، وأتمنى النجاح والتوفيق للقائمين عليه».
فيما بين الأستاذ علاء الباشق ان «مهرجان مسرح الطفل حمل قيماً كبيرةً وقلوباً حسينية، ليغمر الحب والخير في نفوس أحبتنا الأطفال من خلال ما تزرعه النصوص المسرحية في المهرجان التي تناولت قضية خير البشرية جمعاء الإمام الحسين (عليه السلام)».
بينما أوضح المخرج حافظ خليفة ان «المهرجان كسب كبير لمدينة كربلاء المقدسة وللساحة المسرحية العراقية، فتحية للقائمين قلبا وقالباً لما تبذلونه من تضحيات وفن راقٍ».
وكان للدكتور جبار خماط رأيه في المهرجان قائلاً: «استطاعَ مهرجان الحسيني الصغير لمسرح الطفل أن يرفد مسرحنا العراقي بمسرحيات ونصوص جديدة تكبر مع نمو الأجيال القادمة، فألف تحيّة إليكم أصدقائي وأنتم تصنعون الجمال والإبداع في رحاب الإمام الحسين (عليه السلام)».
من الجدير بالذكر أن إدارة مهرجان المسرح الحسيني الثاني أقامت ضمن فعاليات المهرجان، جلسات نقدية وورشا فنية للعروض المشاركة بخصوص كتابة النص المسرحي والإخراج والتمثيل وذلك على قاعة مجمع سيد الشهداء (عليه السلام)، والتي حضرها مجموعة من الأكاديميين والفنانين والنقاد والأدباء من أساتذة المسرح العربي، والتي تناولت الندوات أهداف المهرجان ونقد الاعمال المشاركة وآراء المتسابقين.